Skip to main content
MSF-supported Al-Jamhouri Hospital | Antenatal Consultation

الاحتياجات الإنسانية تعصف بالبلاد بعد نحو ثماني سنوات من الحرب

الحرب في غزة: اطّلع على استجابتنا
اقرأ المزيد

بعد زيارته الأخيرة إلى اليمن، يتأمل الرئيس الدولي لمنظمة أطباء بلا حدود، الدكتور كريستوس كريستو، الأزمة الإنسانية الأليمة التي يواجهها الناس في اليمن بعد حوالي ثماني سنوات من الحرب، ويدعو إلى مزيد من المساعدة للاستجابة لاحتياجات الناس الأكثر إلحاحًا.

منذ اندلاع الحرب في اليمن قبل حوالي ثماني سنوات، قُتل أو جُرح عشرات الآلاف من الأشخاص، ونزح أكثر من أربعة ملايين شخص. 

وفي حين أن القتال قد خفَّ في أعقاب وقف إطلاق النار في العام الماضي، فقد ترك في أعقاب ذلك أزمة صحية وإنسانية متفاقمة؛ فهناك نقص في الإمدادات والطواقم الطبية، أما الرعاية الصحية الأولية فهي غالبًا ما تفوق قدرة الناس في ظل الانهيار الاقتصادي، كما كانت معدلات سوء التغذية مرتفعة بشكل مقلق في العام الماضي، وأدى عدم توفُّر التطعيم الروتيني إلى تفشي أمراض يمكن الوقاية منها كالحصبة والكزاز والدفتيريا. فاحتياجات الناس هنا تتداخل فيما بينها وتعصف بالبلاد بشدة.

الرئيس الدولي لأطباء بلا حدود خلال زيارته لليمن
الرئيس الدولي لأطباء بلا حدود، الدكتور كريستوس كريستو، يتبادل المعلومات مع الموظفين خلال جولة في مستشفى السلام في خمر. اليمن، في فبراير/شباط 2023.
Majd Aljunaid/MSF

خلال زيارتي الأخيرة لليمن، كان لدى زملائي في هيئة المستشفى الجمهوري في حجة، عاصمة محافظة حجة في شمال غرب اليمن، الكثير من القصص لمشاركتها معي حول الناس الذين نعالجهم من الإصابات - سواء كانت الجسدية والنفسية. فأخبروني بقصة أب لأربعة أطفال يبلغ من العمر 48 عامًا عزل نفسه بعد أن فقد قدرته على العمل وإعالة أسرته. ونظرًا لضعف الاقتصاد وانهيار العملة، فقد سبب له فقدان وظيفته الخوف والقلق الشديدين.

قال لي أحد الزملاء، "لقد بدأ يشك في كل من حوله. لم يعد يستطيع أن يثق بأي شخص، وانسحب تدريجيًا من الحياة. استغرقت عملية علاج أعراضه النفسية الحادة، وتهدئة مشاعره وقتًا وجهدًا. ثم استعاد فاعليته في نهاية المطاف ووجد عملاً لإعالة عائلته. تدير فرقنا برنامجًا شاملًا للصحة النفسية يتضمن جلسات جماعية للتثقيف النفسي، بجانب الرعاية النفسية والعلاج النفسي للاضطرابات النفسية الشديدة. ومن خلال هذا، ساعدناه على استعادة حياته".

ولا يمكنني أن أتخيل كيف يمكن لمن يحتاج إلى رعاية طارئة أو لامرأة تمر بمخاض أن يخوض مثل تلك الرحلة الشاقة والعقبات التي ينبغي عليهم تجاوزها لمجرد الحصول على الرعاية الصحية. د. كريستوس كريستو، الرئيس الدولي لأطباء بلا حدود

غادرت هذا المستشفى والجبال العالية في شمال اليمن وكلي فخر بما يمكن أن تفعله منظمة أطباء بلا حدود - هنا وفي المرافق الصحية الأخرى الـ 27 التي نديرها وندعمها في أنحاء البلاد.

أثناء سفري برًا خلال زيارتي، اكتسبت إدراكًا أفضل لبعض التحديات التي يواجهها اليمنيون الذين يسعون للحصول على الرعاية الطبية، بما في ذلك الاضطرار لقطع مسافات طويلة  بسبب غياب مرافق صحية ميسورة التكلفة أقرب إلى منازلهم - هذا إن وجدت. ولا يمكنني أن أتخيل كيف يمكن لمن يحتاج إلى رعاية طارئة أو لامرأة تمر بمخاض أن يخوض مثل تلك الرحلة الشاقة والعقبات التي ينبغي عليهم تجاوزها لمجرد الحصول على الرعاية الصحية. من بين هؤلاء الأشخاص امرأة التقيت بها كانت قد اضطرت للسفر لمدة ست ساعات عبر جنوب غرب اليمن من المخا إلى مدينة تعز في محافظة تعز لإجراء عملية قيصرية طارئة في المستشفى الجمهوري لولادة طفلتها الأولى، التي أبصرت النور وهي الآن بصحة جيدة.

ولكن حتى بالنسبة لمثل هؤلاء الأطفال الذين يولدون بصحة جيدة، فإن سوء التغذية يمثل تهديدًا كامنًا. فبين يناير/كانون الثاني وأكتوبر/تشرين الأول 2022، استقبلت المرافق التي تدعمها أطباء بلا حدود أكثر من 7,500 طفل يعاني من سوء التغذية - بزيادة أكثر من الثلث مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021. وقد استنفدت هذه المعدلات المرتفعة من سوء التغذية لدى الأطفال دون سن الخامسة قدرة المستشفيات مثل مستشفى خمر في محافظة عمران في الشمال.

كان هذا واضحًا بشكل خاص في مركز التغذية العلاجية للمرضى المقيمين الذي كان مليئًا بالأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، بما في ذلك حالات شديدة ذات مضاعفات. وكان من الممكن الحيلولة دون وقوع العديد من هذه الحالات لو حصلت الأمهات على الدعم خلال فترة الحمل، وتمكن الأطفال من الحصول على الطعام المغذي بأسعار معقولة وخدمات الرعاية الصحية في الوقت المناسب.

الرئيس الدولي لأطباء بلا حدود خلال زيارته لليمن
الدكتور كريستوس كريستو يستمع إلى مريضة في قسم المرضى المقيمين كانت قد أُصيبت بلدغة ثعبان. اليمن، في مارس/آذار 2023.
Majd Aljunaid/MSF

ومما يزيد المشقَّة أمام الأطفال في اليمن زيادة حالات الإصابة بالحصبة بسبب الفجوات في التطعيم الروتيني وانخفاض معدلات التطعيم، فضلًا عن كون العديد من الناس يعيشون في مخيمات النزوح حيث يمكن للأمراض أن تنتشر بسهولة. تلعب اللقاحات دورًا رئيسيًا في وقاية الأطفال من الإصابة بالمرض في المقام الأول، وهو أمر بالغ الأهمية في بلدان مثل اليمن حيث يصعب الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية إذا أصيبوا بالمرض.

لكن لا يعدّ المرضى الفئة الوحيدة التي تواجه تحديات في اليمن. فغالبًا ما يواجه زملائي عقبات بيروقراطية مثل القيود المفروضة على الحركة. كما أن تأخُّر المواد المستوردة التي تشتد الحاجة إليها، ورفض تأشيرات الموظفين لدخول البلاد والتصاريح التي يحتاجون إليها للسفر داخل البلاد، والخطر الذي يهدد المستشفيات بتعرُّضها لهجمات، يعيق جهودنا لتقديم المساعدة الإنسانية. ومن الضروري إعفاء الموظفين العاملين في مجال الرعاية الصحية من أي نوع من القيود التي تتداخل مع تقديم الخدمات الطبية بشكل آمن وفي الوقت المناسب.

ومع ذلك، حتى وسط مثل هذه التحديات والأخطار، مازال العديد من الناس الذين التقيتهم في اليمن، والذين عانوا الكثير، يأملون في أن تعود حياتهم إلى ما كانت عليه قبل الحرب. ومازلنا نتضامن مع الأشخاص الذين يعيشون ويعملون في هذه الأزمة الإنسانية، ولكن من الواضح أن هناك حاجة ماسة إلى مزيد من المساعدات لاستعادة شكل من أشكال الحياة الطبيعية. ويجب استدامة وتحسين أي مساعدة يتم تقديمها للاستجابة لاحتياجات الناس الأكثر إلحاحًا. وبينما يحظى اليمن باهتمام دولي متقطع، يجب أن يظل أولوية في جداول أعمال المانحين الدولية الإنمائية والإنسانية.

المقال التالي
اليمن
تحديث حول مشروع 18 أغسطس/آب 2023