Skip to main content
MSF-supported Al-Jamhouri Hospital | Neonatal Ward

ولادة توأم في مستشفى تعز الحوبان في اليمن

الحرب في غزة: اطّلع على استجابتنا
اقرأ المزيد

كانت زينب، مثلها مثل معظم مريضاتنا، قد قطعت مسافةً طويلة للوصول إلى مستشفانا.

جاءتنا حاملًا في أسبوعها الثلاثين وهي على أبواب وضع مولودتيها التوأم.

لكن ولادة توأم من الخدج تعتبر حالة مستعجلة في أيّ مكانٍ من العالم، وهنا في مستشفى الأم والطفل الذي تديره أطباء بلا حدود في تعز الحوبان في جنوب اليمن، لدينا نظامٌ جيّد للتعامل مع الحالات المستعجلة.

حافظت زينب على قوتها وعزمها على وضع مولودتيها رغم عدم إمكانية تخفيف ألمها. أبصرت المولودتان النور وهما تصرخان، ولربّما هذه هي المرة الوحيدة التي تسعد فيها الأمّ لسماع بكاء أطفالها. كانت الغرفة مفعمةً بالفرح والعناق بين زينب والفريق.

وصلت اليوم إلى منتصف فترة مهمتي مع أطباء بلا حدود، حيث أعمل مشرفةً للقبالة في مستشفى تعز الحوبان الذي يقدّم خدمات رعاية صحية مجانية للنساء والأطفال ولا سيما الضعفاء. ريتشل كويل، مشرفة للقبالة في أطباء بلا حدود في تعز، اليمن

صحيحٌ أن التوأم بدأتا بالبكاء تلقائيًا، إلا أنهما كانتا بحاجةٍ إلى دعم تنفسي. تقع وحدة المواليد الجدد في الطابق الذي يعلو وحدة الأمومة، وهناك راقبنا تنفسهما لبضعة أيام. وبما أنني أعيش بالقرب من المستشفى فقد كنت أستطيع زيارتهما بانتظام ومراقبة تحسنهما، الأمر الذي شجعني كثيرًا.

كنت في الثانية والثلاثين من عمري حين غادرت عملي في جناحٍ للتوليد في دبلن، أيرلندا، وتوجهت إلى اليمن للعمل في جناحٍ للأمومة. وقد وصلت اليوم إلى منتصف فترة مهمتي مع أطباء بلا حدود، حيث أعمل مشرفةً للقبالة في مستشفى تعز الحوبان الذي يقدّم خدمات رعاية صحية مجانية للنساء والأطفال ولا سيما الضعفاء.  

كانت حالة زينب ومولودتاها التوأم تمثّل واحدةً من إنجازات كثيرة حققها عمل أطباء بلا حدود في اليمن. فما أروع أن يكون المرء قادرًا على توفير خدمات رعاية وتوليد آمنة للأمهات ومواليدهن في سياقٍ يفتقر إلى الموارد. لكن رغم هذا فهناك حاجةٌ ماسة إلى خدمات رعاية صحية إنجابية عالية الجودة ومجانية في المناطق المحيطة.

ريتشل كويل، مشرفة للقبالة في أطباء بلا حدود في تعز، اليمن "ما أروع أن يكون المرء قادرًا على توفير خدمات رعاية وتوليد آمنة للأمهات ومواليدهن في سياقٍ يفتقر إلى الموارد".
Delivering twins in Yemen's Taiz Houban Hospital

إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى وجود 8.1  مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب بحاجة إلى الدعم لتأمين خدمات الرعاية الصحية الإنجابية في مختلف أنحاء اليمن. ويعتبر مستشفى أطباء بلا حدود الذي أعمل فيه المستشفى الوحيد في منطقة تعز الحوبان الذي يقدم رعاية طبية مجانية للمريضات الحوامل المعرّضات للمخاطر واللواتي يترافق حملهن بمضاعفات، كما أنه الوحيد الذي يغطي تكاليف الإحالة إلى مستشفيات أخرى من أجل الدخول إلى وحدات العناية المركزة على سبيل المثال.

هذا وللبرامج التي تديرها المنظمات غير الحكومية أثرٌ كبير على حياة سكان تعز الحوبان نظرًا لارتفاع مستوى الطلب على خدمات الرعاية الإنجابية.

ففي هذا البلد الذي أنهكته الحرب وكاد نظامه الصحي أن ينهار تمامًا، وقفت شاهدةً على أطفال مصابين بسوء التغذية يتلقون الرعاية وحالات طوارئ نسائية وإصابات بليغة استقبلتها غرفة الطوارئ في مستشفانا. إذ تستقبل وحدة الأمومة أكثر من 500 حالة ولادة شهريًا وأكثر من 80 عملية قيصرية، كما ندير عيادةً تقدم خدمات التنظيم الأسري وأخرى متخصصة لاستقبال الحالات المستعجلة وثالثة للحالات عالية المخاطر.

وبما أنني أعمل قابلة فقد رأيت ما يحدث للنساء اللواتي لا يتلقّين رعاية ما قبل الولادة، وهو أمرٌ شائعٌ جدًا في اليمن، حيث لا تولي معظم النساء أهمية لهذه الرعاية كونها مكلفة في المستشفيات الخاصة. وعادةً ما نرى نساءً مصاباتٍ بحالات شديدة من مقدمات الارتعاج/التسمم الحملي الذي يعد من مضاعفات الحمل الخطيرة ويتّسم بارتفاع ضغط الدم، مع أن علاجه بسيط وممكن إذا ما تم تشخيصه مبكرًا.

في هذا البلد الذي أنهكته الحرب وكاد نظامه الصحي أن ينهار تمامًا، وقفت شاهدةً على أطفال مصابين بسوء التغذية يتلقون الرعاية وحالات طوارئ نسائية وإصابات بليغة استقبلتها غرفة الطوارئ في مستشفانا. ريتشل كويل، مشرفة للقبالة في أطباء بلا حدود في تعز، اليمن

بيد أن معظم النساء المصابات بالتسمم الحملي يصلن وهن يعانين من نوبات تشنّج ولا بد من علاجهن على الفور. وكل هذا يعود لنقص خدمات الرعاية الصحية الأساسية. لكن من حسن الحظ أن مستشفانا يقدم للمريضات كل ما يلزمهن من معلومات وعلاجات طبية.

اليمن بلدٌ جميل وأهلها طيبون ومضيافون. لكن منذ أن بدأت الحرب قبل أكثر من سبع سنوات وأدت إلى ما يوصف عادةً على أنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بدأت الأوضاع الاقتصادية بالتدهور ودُمّرت المرافق الطبية، الأمر الذي حدّ من قدرة الناس في مختلف أنحاء البلاد على تأمين خدمات الرعاية الصحية المجانية.

وبما أنني أعيش وأعمل هنا فإنني أرى آثار ذلك على حياة أهل اليمن. إذ يخبرني زملائي اليمنيون قصصًا عمّا كانت عليه حياتهم قبل الحرب وكيف كانت اليمن بلدًا مزدهرًا. وهذا أمرٌ يصعب سماعه وفهمه على حدّ سواء.

يشار إلى أن الفريق العامل في مستشفانا يمتلك مهاراتٍ لا توصف ويسرني أن أعمل إلى جانب هذا الطاقم الذي يتمتع بالقدرة على الصمود والمرونة. لا أحب أن أفكر فيما ستكون عليه حال هذه المنطقة لولا العمل الجاد والجهود الحثيثة التي يبذلها زملائي وزميلاتي. فجميع المستشفيات الأخرى في المنطقة هي خاصة وتكاليفها باهظة، خصوصًا أن مرضانا يفتقرون في أغلب الأحيان إلى الموارد المالية. ولهذا فإن مستشفى الأم والطفل الذي نعمل فيه مزدحم دائمًا ويؤدي دورًا حيويًا لأهالي تعز الحوبان.

*تم تغيير الاسم للحفاظ على الخصوصية

المقال التالي
جنوب السودان
بيان صحفي 31 يناير/كانون الثاني 2024