Skip to main content
Coatzacoalcos, Veracruz

الفرار من العنف إلى الخطر: لا مخرج للمهاجرين من أمريكا الوسطى

الحرب في غزة: اطّلع على استجابتنا
اقرأ المزيد

مكسيكو سيتي/نيويورك – أفادت منظّمة أطباء بلا حدود في تقرير نشرته تحت عنوان "لا مخرج" أنّ سياسات الهجرة الجديدة التي تفرضها الولايات المتحدة والمكسيك تحتجز الكثير من أبناء أمريكا الوسطى في ظروف خطيرة، وسلّطت الضوء على ما يترتّب على ذلك من عواقب وخيمة على صحتهم الجسدية والنفسية.

ويستند التقرير إلى 480 مقابلةً وشهادةً لمهاجرين وطالبي لجوء من أمريكا الوسطى، وإلى تجارب موظّفي أطباء بلا حدود، وبيانات طبيّة تم جمعها عن أكثر من 26 ألف شخصٍ تلقوا المساعدة على طول طريق الهجرة عبر المكسيك خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2019.

Report - No way out pdf — 4.76 MB لتحميل التقرير
Without safe and legal alternatives, migrants are at the mercy of human trafficking networks and criminal organisations that prey on the most vulnerable people. Sergio Martin, MSF head of mission in Mexico

وتُشير الأدلّة الطبيّة إلى تعرّض المهاجرين واللاجئين إلى مستويات مرتفعة من أعمال العنف وسوء المعاملة في بلدانهم الأصلية، وعلى طول طريق الهجرة، وعند احتجازهم من جانب السلطات الأمريكية والمكسيكية. ويمكن مقارنة المستويات المرتفعة من العنف في المثلّث الشمالي لأمريكا الوسطى بالمستويات التي تتجلّى في مناطق الحرب حيث تعمل أطباء بلا حدود منذ عقود – وهذا العنف هو عامل رئيسي يدفع تحرّك الهجرة إلى الشمال نحو المكسيك والولايات المتحدّة.

مجبرون على مغادرة منازلهم وبلادهم بسبب العنف

في هذا الصدد، يقول رئيس بعثة أطباء بلا حدود في المكسيك سيرجيو مارتن، "يتّضح من خلال البيانات الطبيّة والشهادات التي جمعناها على مرّ سنوات أنّ الكثير من مرضانا يسعون بيأس إلى الفرار من العنف في ديارهم".

ويُضيف قائلًا، "يستحق هؤلاء الأشخاص الحصول على الحماية والرعاية، وعلى الأقل، فرصة عادلةً لطلب اللجوء. ولكن عوضًا عن ذلك، يتعرّضون للمزيد من العنف على طول طريق الهجرة، ويُمنعون من دخول البلدان التي قد تحميهم من الخطر. وها هم الآن محاصرون في أماكن خطرة مع غياب أي وسيلة لالتماس الأمان".

In interviews with MSF patients, we found:

خلال المقابلات، قال 61.9 في المئة من المشاركين إنّهم تعرضوا لحالة عنف خلال العامَين السابقَين لمغادرتهم بلدهم الأم. وذكر حوالى نصف الذين أُجريت مقابلات معهم (45.8 في المئة) إلى أنّ تعرضهم للعنف هو أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت بهم إلى الفرار. وأفاد أكثر من 75 في المئة من المسافرين مع أطفالهم أنهم غادروا بسبب العنف، بما في ذلك التجنيد القسري من جانب العصابات.

معرّضون لمستويات مروعة من العنف والاستغلال في المكسيك

يختبر المهاجرون كذلك العنف على طول طريق الهجرة عبر المكسيك: 57.3 في المئة من الذين أُجربت مقابلات معهم تعرضوا لنوع من أنواع العنف، بما في ذلك حالات الاعتداء والابتزاز والاعتداءات الجنسية والتعذيب.

في الواقع، أدّت سياسات الردع القاسية التي فرضتها الولايات المتحدّة والمكسيك في السنوات الأخيرة إلى زيادة المخاطر التي يواجهها المهاجرون وطالبو اللجوء. وفي إطار ما يُسمى ببروتوكولات حماية المهاجرين، يُجبر المُتقدمون بطلبات اللجوء إلى الولايات المتحدّة على البقاء في المكسيك، حيث يُستهدَفون بصورة متكرّرة من الجماعات الإجرامية التي تختطفهم وتبتزهم. ففي شهر أكتوبر/تشرين الأول 2019 وحده، تعرّض 75 في المئة (33/44) من مرضانا في نويفو لاريدو إلى الاختطاف، علمًا أنّهم أُعيدوا إلى هذه المدينة الحدودية بموجب بروتوكولات حماية المهاجرين.

ويقول مارتن، "يُشكّل طالبو اللجوء من أمريكا الوسطى المتواجدون في المكسيك أهدافًا خاصةً للاختطاف والعنف، ما يعني أن حياتهم معرّضة للخطر".

ويُردف قائلًا، "من دون بدائل آمنة وقانونية، يقبع هؤلاء تحت رحمة شبكات الإتجار بالبشر والمنظّمات الإجرامية التي تستغلّ الأكثر ضعفًا منهم. يترتب على ذلك كله عواقب على صحتهم الجسدية والنفسية".

The US and Mexico must end these policies and governments of the region must put people at the centre of migration policies. Marc Bosch, MSF operations manager, Latin America

محتجزون في "ثلاجات" دون رعاية

ويزيد تجريم الهجرة من تعريض صحة الناس وسلامتهم للخطر. في هذا الإطار، تُقدّم أطباء بلا حدود الرعاية الطبية والنفسية إلى الأشخاص الذين احتجزتهم الولايات المتحدّة ورحّلتهم. ويفيد الكثير من مرضى أطباء بلا حدود في المكسيك أنّهم احتُجزوا في ظروف مروّعة في الولايات المتحدّة - وأحيانًا في زنزانات متجمّدة (وُصفت بالإسبانية بالثلاجات)، مُضاءة بالأنوار على مدار الساعة، وبدون طعام وملابس وبطانيات كافية، كما أنّ فرص الحصول على الرعاية الصحية كانت محدودة للغاية.

وزارت الفرق في المكسيك مراكز احتجاز مختلفة للمهاجرين حيث تُعتبر ظروف كالاكتظاظ ونقص الرعاية الطبيّة والافتقار إلى الموارد الكافية ظروفًا عادية. وخلال هذه الزيارات، عالجت الفرق الأفراد المصابين بالأمراض المعدية والإسهال، بالإضافة إلى ضحايا العنف، ولا سيما ذوي الاحتياجات الصحية النفسية الملحّة.

عالقون في الخطر بسبب سياسات قاسية

تعمل السياسات الأميركية والاتفاقيات الثنائية الأخيرة التي تم التوصّل إليها مع المكسيك والحكومات الإقليمية الأخرى على تفكيك نظام حماية اللاجئين وطالبي اللجوء. وتترك هذه التدابير أبناء أمريكا الوسطى من دون أي مكان يلجأون إليه للحصول على الحماية ومن دون سبيل للفرار من العنف.

يتسبّب انعدام الأمن والعنف المتفشي وعدم توفر آليات الحماية الملائمة بآثار واضحة على الصحة الجسدية والنفسية للمرضى الذين عالجتهم أطباء بلا حدود. وتشهد الفرق على الحالات التي يعاني منها عادةً الأشخاص أثناء تنقلهم، مثل التهابات الجهاز التنفسي، والأمراض الجلدية، ومشاكل العضلات والعظام الحادة. وتعالج الفرق أيضًا مجموعة من الإصابات الناجمة عن استخدام الأسلحة والاختطاف والاعتداء الجنسي والاغتصاب. أمّا القلق والاكتئاب وحالات اضطراب ما بعد الصدمة الناتجة عن حدث عنيف، فهي بعض من الأسباب الرئيسية التي تجعل الناس يلجؤون لخدمات الصحة النفسية.

ومن جهته، يقول المُشرف على برامج أطباء بلا حدود في أمريكا اللاتينية مارك بوش، "هذه السياسات التي تمنع الأشخاص من اللجوء وتُعيدهم إلى أماكن الخطر أدّت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في المنطقة." 

ويُتابع قائلًا، "يجب أن توقف الولايات المتحدّة والمكسيك هذه السياسات وأن تسعى حكومات المنطقة إلى صياغة سياسات هجرة تولي الأولوية للمهاجرين وأن تضمن حصول ضحايا العنف على المساعدة الإنسانية والخدمات الصحية والحماية. يستحق كل شخص، بغضّ النظر عن وضعه القانوني، أن يُعامَل بكرامة".

المقال التالي
الولايات المتحدة الامريكيّة
بيان صحفي 7 مايو/أيار 2020