Skip to main content
Measles out break in Rokero, Central Darfur. Sudan
زينب آدم تراقب ابنتها صفاء، البالغة من العمر ستة أشهر، في أحد أقسام العزل الثلاثة التي أنشأتها أطباء بلا حدود في مستشفى روكيرو. السودان، في مايو/أيار 2025.
© Thibault Fendler/MSF

مع انتشار تفشي الحصبة في دارفور، أصبح الأطفال في حاجة عاجلة للتحصين

زينب آدم تراقب ابنتها صفاء، البالغة من العمر ستة أشهر، في أحد أقسام العزل الثلاثة التي أنشأتها أطباء بلا حدود في مستشفى روكيرو. السودان، في مايو/أيار 2025.
© Thibault Fendler/MSF

بورتسودان - منذ عام، تشهد فرق أطباء بلا حدود في السودان تفشيًا للحصبة في ولايات دارفور الأربع التي نعمل فيها حاليًا. وعلى الرغم من انطلاق حملات تطعيم مكثفة في الكثير من المواقع في أنحاء المنطقة مؤخرًا،  تصر منظمة أطباء بلا حدود على ضرورة تكثيف الجهود لاستدراك ما فات من تطعيم الأطفال الذين لم يحصلوا على التطعيم أبدًا.

كانت أول موجة من حالات الحصبة التي لاحظتها وعالجتها أطباء بلا حدود في يونيو/حزيران 2024 في روكيرو، وهي مدينة تقع شمال جبل مرة في وسط دارفور، حيث تدير فرق أطباء بلا حدود مستشفى وزارة الصحة المحلي بلا انقطاع منذ عام 2020. وفي مطلع عام 2025، سُجِّلت حالات أخرى في شرق جبل مرة، جنوب دارفور وفي فوربرينجا، غرب دارفور. وفي الآونة الأخيرة، لوحظت موجات جديدة في زالنجي وسورتوني وكذلك في وتيني في شرق تشاد، وجميعها مناطق تدير أطباء بلا حدود أنشطة فيها.

من يونيو/حزيران 2024 حتى نهاية مايو/أيار 2025، عالجت منظمة أطباء بلا حدود أكثر من 9,950 مريضًا بالحصبة في المرافق الصحية التي تديرها أو تدعمها في المنطقة. وقد كان قرابة 2700 حالة منها معقدة وتتطلب دخول المستشفى، وسُجِّلت 35 حالة وفاة. وللتعامل مع تدفق المرضى، اضطررنا إلى توسعة القدرة الاستيعابية لأسرّة الأطفال في ثلاثة مستشفيات.  

هذه الحملات التفاعلية هي ليست سوى ضمادة لجرح مفتوح ما لم تُبذل جهود كبيرة للتحصين والوقاية في جميع أنحاء دارفور. د. سيسيليا غريكو، المنسقة الطبية لأطباء بلا حدود في وسط دارفور

عَدّ انخفاض تغطية التحصين في المنطقة أحد الأسباب الرئيسية لهذا الوضع. وتشرح نائبة رئيس بعثة أطباء بلا حدود في غرب دارفور، سو بوكنيل، "في فوربرينجا، 30 في المئة من مرضى الحصبة الذين نستقبلهم هم فوق سن الخامسة وخمسة في المئة منهم فقط حصلوا على التطعيم. هذا يدل على أن ضعف التحصين لم يبدأ مع النزاع الأخير".

وتضيف المنسقة الطبية لأطباء بلا حدود في وسط دارفور، د. سيسيليا غريكو، "يساهم النزاع المستمر أيضًا في هذا التفشي، إذ يحدّ من قدرات الجهات الطبية الفاعلة على الوقاية من الأمراض المعدية والاستجابة لتفشّيها. كما أدى النزوح الجماعي للسكان إلى انتشار المرض بشكل أسرع في أنحاء المنطقة، مما زاد من تعقيد الوضع".

منذ اندلاع الحرب، تسببت العوائق الإدارية المستمرة والإغلاق المتكرر لطرق الإمداد الرئيسية في نقص اللقاحات في جميع أنحاء دارفور، وقد أدى ذلك إلى عرقلة برامج التحصين الروتينية في عدة مواقع، وأحيانًا لعدة أشهر. فعلى سبيل المثال، توقفت خدمات التطعيم بشكل كامل في مخيم سورتوني للنازحين في شمال دارفور، والذي يستضيف أكثر من 55 ألف شخص، وذلك منذ مايو/أيار 2024 إلى فبراير/شباط 2025. 

Measles out break in Rokero, Central Darfur. Sudan
أحد الأقسام الثلاثة التي تعالج فيها فرق أطباء بلا حدود الحالات الشديدة من الحصبة. وسط دارفور، السودان، في مايو/أيار 2025.
Thibault Fendler/MSF

وقد حدّت هذه القيود والشحّ من قدرة الجهات الطبية الفاعلة على إطلاق حملات الاستجابة المناسبة. فخلال العام الماضي،، نفذت أطباء بلا حدود الكثير من حملات التطعيم، من بينها حملة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 في شمال جبل مرة، حيث حصل 9600 طفل على اللقاح. 

ومع ذلك، وبسبب محدودية إمدادات اللقاحات، اضطرت فرق أطباء بلا حدود إلى تقليص أهداف الحملة واستثناء الأطفال الذين تزيد أعمارهم عن خمس سنوات رغم  الاحتياجات الواضحة. وقد نجم عن ذلك انخفاض في تأثير هذه الحملات على المدى الطويل. ففي شمال جبل مرة، وفيما ساهمت حملة التطعيم في البداية في إبطاء وتيرة تفشي المرض، فقد بدأت أعداد الحالات في الارتفاع بشكل حاد مجددًا اعتبارًا من فبراير/شباط.

على الرغم من إجراء حملات التطعيم الجماعية حاليًا في أجزاء مختلفة من دارفور، إلا أن المفاوضات والإجراءات استغرقت وقتًا طويلًا. فبعد أن دقت منظمة أطباء بلا حدود ناقوس الخطر لأول مرة بشأن موجات المرض المتعددة التي كانت تشهدها، استغرق الأمر عدة أشهر قبل أن تبدأ وزارة الصحة الاتحادية في بورتسودان واليونيسيف بتوزيع اللقاحات اللازمة من مخزوناتها، مما مكن أخيرًا من إطلاق حملات تطعيم واسعة النطاق في مناطق مختلفة من دارفور. 

في الأسبوع الماضي، طُعّم 55,800 طفل تتراوح أعمارهم بين تسعة أشهر و15 عامًا في فوربرينجا، ضمن حملة تقودها وزارة الصحة وتدعمها أطباء بلا حدود. هذا ومن المقرر أن يتلقى 93 ألف طفل آخر اللقاح في شمال جبل مرة وسورتوني بحلول نهاية هذا الأسبوع، في إطار حملة مماثلة. 

من الضروري أن تتعاون السلطات الصحية الفيدرالية والمحلية ووكالات الأمم المتحدة وكافة الجهات الطبية الفاعلة على الأرض، لاستدراك ما فات من تطعيم الأطفال الذين لم تشملهم برامج التحصين على مر السنين. د. سيسيليا غريكو، المنسقة الطبية لأطباء بلا حدود في وسط دارفور

وتضيف د. غريكو، "كان ينبغي أن تُنفَّذ هذه الحملات في وقت أبكر بكثير، حتى لو كانت تمثل إنجازًا ما. كان من الممكن تفادي الكثير من حالات الحصبة وعواقبها. وبقدر بروز الحاجة إلى مثل هذه الحملات التفاعلية، فهي ليست سوى ضمادة لجرح مفتوح ما لم تُبذل جهود كبيرة للتحصين والوقاية في جميع أنحاء دارفور، بما في ذلك المناطق النائية".

كذلك تسلط بوكنيل الضوء على خطر حدوث تفشيات أخرى للمرض، ما لم تبدأ هذه الجهود قائلة، " ليست الحصبة المرض المعدي الوحيد المنتشر حاليًا في دارفور والذي يمكن أن يتحول إلى تفشٍ. فعلى مدى الأيام العشرة الماضية، استقبلت المرافق الصحية التي تدعمها أطباء بلا حدود قرابة 200 حالة مشتبهة بالكوليرا في ولايتين من ولايات دارفور، ويأتي ذلك عقب تفشٍ كبير لوباء الكوليرا في ولاية الخرطوم ومناطق أخرى من السودان".

وتتابع د. غريكو، "من الضروري أن تتعاون السلطات الصحية الفيدرالية والمحلية ووكالات الأمم المتحدة وكافة الجهات الطبية الفاعلة على الأرض، ليس فقط لاستدراك ما فات من تطعيم الأطفال الذين لم تشملهم  برامج التحصين على مر السنين، بل أيضًا لتعزيز قدرتهم على الاستجابة بسرعة وكفاءة في حال ظهورأي تفشيات أخرى، مثل الكوليرا، في دارفور. ويشمل ذلك القدرة على توريد اللقاحات وتوزيعها داخل السودان وفي جميع أنحائه دون مواجهة نفس العوائق مجددًا". 

المقال التالي
النزاع في السودان
بيان صحفي 4 يونيو/حزيران 2025