Skip to main content
Rotation 20 Rescue 1

قادة الاتحاد الأوروبي يواصلون الدفع بسياسات قاتلة للمهاجرين

الحرب في غزة: اطّلع على استجابتنا
اقرأ المزيد

يوجد حاليًا عدد كبير من الناس (أكثر من أي وقت مضى) قد هُجّروا قسرًا من منازلهم بسبب النزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان وتغير المناخ والعواقب الاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد-19. وفي أنحاء أوروبا، لا تزال منظمة أطباء بلا حدود تشهد فرار أشخاص من الأزمات ليغرقوا في البحر، حيث يتم اعتراضهم وإعادتهم عند الحدود وحرمانهم من المساعدة الإنسانية وتجريمهم بسبب بحثهم عن الأمان. 

وتواصل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تمرير سياسات عنيفة تكلف حياة الناس، بدلاً من تحمل مسؤولياتها الدولية تجاه الأشخاص الذين يبحثون عن الأمان على عتبة ديارهم. وقد أظهر لنا الاتحاد الأوروبي، من خلال استجابته للنزوح الجماعي الناجم عن الحرب في أوكرانيا، أنه قادر على إنشاء وتنفيذ سياسة هجرة إنسانية: والشيء الوحيد الذي ينقصه هو الإرادة السياسية.

فانطلاقًا من خطط العمل المخصصة لوسط البحر الأبيض المتوسط وغرب البلقان إلى ميثاق الهجرة والاستعانة ببلدان أخرى وتمويلها للقيام بممارسات الحدود المؤذية، مثل ليبيا، يعمل الاتحاد الأوروبي بنشاط على تفتيت نظام اللجوء ويفشل في توفير حماية ذات مغزى للأشخاص الذين يبحثون عن الأمان. وتبذل دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك إيطاليا، جهودًا استثنائية لتشديد الرقابة على الحدود ومنع المغادرة مع تجريم عمليات البحث والإنقاذ المدنية.

المساعدة الطبية الطارئة للواصلين حديثًا إلى ساموس اليونانية
يسير الأشخاص الذين وصلوا لتوهم إلى ساموس على طول طريق صخري في الجزيرة بعد عبورهم بحر إيجه على متن القوارب. وقد أفادت فرق الطوارئ التابعة لأطباء بلا حدود بوجود احتياجات طبية وإنسانية كبيرة بين الوافدين الجدد. ساموس، اليونان، في يوليو/تموز 2022.
MSF/Alice Gotheron

وفي هذا الصدد، يقول رئيس فريق العمليات في أوروبا في منظمة أطباء بلا حدود، جوليان بوها كوليت، "ندعو قادة الاتحاد الأوروبي إلى وضع حماية حياة الناس في المقام الأول وتوفير معاملة كريمة وإنسانية للأشخاص الذين يبحثون عن الأمان في أوروبا. يجب احترام الاحتياجات الطبية للناس وحقوقهم ضمن إجراءات لجوء منصفة وإيلاؤها الأولوية قبل أي شيء آخر".

كل يوم، تقدم فرق أطباء بلا حدود الرعاية الطبية والنفسية لأشخاص كانوا يبحثون عن الأمان في أوروبا، لكنهم وجدوا بدلاً من ذلك العنف والظروف المعيشية غير الملائمة وعدم توفُّر الضروريات الأساسية، مثل الغذاء والماء والتدابير الصحية. وفيما يلي نظرة عن كثب على كيفية تأثير سياسة الهجرة القاتلة التي يتبناها الاتحاد الأوروبي على المهاجرين في أنحاء أوروبا.

العنف على طول طريق البلقان

"خلعوا حذائي وسترتي، ووضعوا حبلًا بلاستيكيًا على معصميَّ ودفعوا وجهي إلى الأرض وضربوني بالعصي على ساقي"، هذا ما قاله رجل من المغرب لمنظمة أطباء بلا حدود بعد أن هاجمته سلطات الحدود في بلغاريا. "أخذوا حذائي وسترتي وهاتفي وأموالي. لم يقولوا أي شيء لكنهم ظلوا يضربونني ويضحكون".

وعلاوة على الوفيات في البحر وعمليات الصد العنيفة، سمعنا تقارير عن أطفال محبوسين في حاويات شحن ويُطلق عليهم الغاز المسيل للدموع في المجر قبل إعادتهم إلى صربيا. إنه وضع غير إنساني. جوليان بوها كوليت، رئيس فريق العمليات في أوروبا في منظمة أطباء بلا حدود

تعالج فرق أطباء بلا حدود التي تعمل على طول طريق الهجرة في غرب البلقان - الذي يمتد من ألبانيا إلى صربيا - وعلى طول حدود بيلاروسيا مع لاتفيا وليتوانيا وبولندا، تعالج المزيد من الأشخاص الذين يعانون من إصابات ناجمة عن محاولة عبور جدران وأسوار حدود الاتحاد الأوروبي التي تزداد يومًا بعد يوم.

وعلى الحدود البولندية البيلاروسية والحدود الصربية المجرية، تعالج الفرق الطبية التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود الكسور والجروح الناجمة عن أسوار الأسلاك الشائكة ذات الشفرات التي يبلغ ارتفاعها خمسة أمتار. 

وقد أبلغ المرضى عن تعرضهم للاعتداء الجسدي وسرقة أغراضهم من قبل حرس الحدود والشرطة والهجوم من قبل الكلاب تحت إشرافهم، قبل إعادتهم إلى البلد الذي فروا منه. وفي اليونان وإيطاليا وفرنسا، استمعت أطباء بلا حدود إلى قصص من أشخاص تعرضوا لعمليات صد في البحر وعلى الأرض.

تجاهل القانون الدولي

بدلاً من التحقيق في هذا العنف ووقفه، يتلاعب قادة الاتحاد الأوروبي بالروايات العامة باعتبار الوضع أزمة، وذلك لتجريم المهاجرين وتبرير الإجراءات التي تتجاهل التزاماتهم تجاه الأشخاص الذين يبحثون عن الأمان. وفي السنوات الماضية، شهدت تلك المنطقة عمليات صد عنيفة ومنع من الوصول إلى اليابسة، من خلال روايات الأزمة هذه والتدابير الاستثنائية التي انتهزتها العديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل اليونان، وبولندا، والمجر، وليتوانيا.

وبدلاً من الاستثمار في زيادة مرافق الاستقبال وتحسين الاستقبال مع ظروف معيشية كريمة في أنحاء الاتحاد الأوروبي، تركز الدول الأعضاء على تقييد عدد الأشخاص الذين تسمح لهم بالدخول، وتُوكل مسؤولياتها الدولية إلى بلدان أخرى - غالبًا ما تكون أقل أمانًا، مثل ليبيا.

وقال بوها كوليت، "اليوم، الناس الذين ينجون من عبور البحر الأبيض المتوسط أو جبال وغابات أوروبا، لا يلقون إلا المعاملة المهينة عندما يصلون إلى أراضي الاتحاد الأوروبي. وقد شهدنا في أنحاء أوروبا تطبيع العنف على حدودها. وعلاوة على الوفيات في البحر وعمليات الصد العنيفة، سمعنا تقارير عن أطفال محبوسين في حاويات شحن ويُطلق عليهم الغاز المسيل للدموع في المجر قبل إعادتهم إلى صربيا. إنه وضع غير إنساني".

ومن خلال القصص التي تسمعها منظمة أطباء بلا حدود من المرضى، ما زلنا نشهد تجاهل الاتحاد الأوروبي التام للقانون الدولي، بما في ذلك الحق في طلب اللجوء، وواجب تقديم المساعدة في البحر للأشخاص المعرضين للخطر، وحظر المعاملة اللاإنسانية والقاسية والمهينة والتعذيب.

وأفاد رجل من الصومال لفرق أطباء بلا حدود في اليونان، "قبل وصولي إلى اليونان للمرة الأولى، واجهت ست عمليات صد. في آخر مرة، وصلنا إلى ليسبوس في الصباح على متن قارب. [عندما وصلنا] إلى الشاطئ، تفرقنا وركضنا إلى الأدغال. وبعد ساعات طويلة من الاختباء، أخذ بعض الرجال (الذين كانوا يرتدون قبعات البلاكلافا) سترتي وحذائي ورموهما بعيدًا. ضربونا وأصعدونا على متن قارب بلاستيكي ودفعونا للعودة إلى البحر إلى تركيا".

يتم الترويج لمراكز الوصول المغلقة التي يمولها الاتحاد الأوروبي في اليونان كتحسين في الظروف المعيشية للمهاجرين الذين يصلون إلى الجزر. ومع ذلك، فإنها في الواقع تقيد بشدة حركة الناس وتبقيهم محتجزين في مرافق شبيهة بالسجون. في ساموس، يحيط بمركز الوصول المغلق سياجٌ من الأسلاك الشائكة، وهم تحت مراقبة على مدار الساعة، ويجب على الناس المرور عبر جهاز أشعة سينية للدخول، ويتم التعرف عليهم من خلال البيانات البيومترية (مثل بصمات الأصابع).

لم يكن لدي مال ولا عائلة... فقدت بصري في إحدى عيني بعد أن ضربوني بعصا معدنية... لم يأخذوني حتى إلى المستشفى عندما حدث هذا. شاب من الكاميرون تم اعتقاله في ليبيا

وبدلاً من التعلم من أخطاء الماضي، يواصل الاتحاد الأوروبي توثيق صلته بنموذج "النقطة الساخنة"، الذي يركز على الترحيل والاحتجاز بدلاً من المساعدة والحماية. وإذا تمت الموافقة على المقترحات التشريعية التي يتم الدفع بها حاليًا عبر الاتحاد الأوروبي، فإنها ستكرر هذا النموذج في جميع دول الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك إجراءات اللجوء السريعة، التي تقلل بشكل حاد من الوقت الممنوح لمعالجة طلبات اللجوء. وهذا يؤدي إلى ترحيل العديد من الأشخاص الذين لم تتح لهم الفرصة للنظر في حالتهم بشكل عادل. علاوة على ذلك، سيتم تخفيض الحد الأدنى لسن الاحتجاز إلى 12 عامًا.

وتواصل فرق الصحة النفسية التابعة لأطباء بلا حدود في اليونان علاج مرضى يعانون من الضائقة النفسية والصدمة النفسية - وكثير منهم معرضون لخطر المزيد من الصدمات بسبب هذه القيود القاسية وإجراءات اللجوء المتسرعة، التي تغرس الخوف من الترحيل مرة أخرى إلى الخطر.

من جهة أخرى، توفر أطباء بلا حدود في فرنسا وبلجيكا وهولندا الرعاية لطالبي اللجوء - بمن فيهم القُصر غير المصحوبين بذويهم - الذين ينامون في الشوارع لأنهم لم يحصلوا على مأوى آمن.

البحر الأبيض المتوسط
في يوم الثلاثاء 28 أكتوبر/تشرين الأول، أجرت منظمة أطباء بلا حدود عملية إنقاذ في وسط البحر الأبيض المتوسط، وأنقذت 103 أشخاص من قارب خشبي كان يواجه خطر الغرق، من بينهم 22 طفلاً ورجل مصاب بكسر في الساق. وسط البحر الأبيض المتوسط، أكتوبر/تشرين الأول 2022.
MSF/Candida Lobes

الاستعانة ببلدان أخرى لممارسة العنف

في عام 2022، تم اعتراض نحو 23,600 شخص من قبل خفر السواحل الليبي الممول من الاتحاد الأوروبي وإعادتهم قسرًا إلى ليبيا. وفي ليبيا، يتعرض المهاجرون لخطر دائم من الاحتجاز التعسفي والتعرض لجرائم ضد الإنسانية وفقاً لأحدث تقرير للأمم المتحدة. وفي هذا العام، تم بالفعل إعادة أكثر من 4,200 شخص قسرًا إلى ليبيا، وفقد 938 شخصًا حياتهم أو فُقدوا بعد المخاطرة بعبور الطريق القاتل عبر وسط البحر الأبيض المتوسط من ليبيا إلى أوروبا: وهي فترة الأربعة أشهر الأكثر فتكًا منذ عام 2017.

وقال شاب من الكاميرون لفرق أطباء بلا حدود في ليبيا، "بعد دخولنا ليبيا، تم اقتيادنا إلى السجن. قضيت ثمانية أشهر هناك. ضربونا ضربًا مبرحًا حتى دفعنا لهم المال. وإذا لم يكن لدينا أي أموال، كان يتصلون بعائلاتنا ويطلبون منهم المال لإطلاق سراحنا. جعلوا عائلاتنا تستمع إلينا على الهاتف بينما كانوا يضربوننا. في بعض الأحيان كانوا يلتقطون مقاطع فيديو لنا نتعرض فيها للإساءة ويرسلونها إلى عائلاتنا".

ويضيف، "لم يكن لدي مال ولا عائلة؛ أمضيت ثمانية أشهر في السجن وتعرضت للضرب. فقدت بصري في إحدى عيني بعد أن ضربوني بعصا معدنية. تسببت العصا بإصابة شديدة في عيني لدرجة أني الآن لا أستطيع أن أرى بها. لم يأخذوني حتى إلى المستشفى عندما حدث هذا". 

ويقول بوها كوليت، "لن تمنع سياسات الردع التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي حدوث مآسٍ مثل حالات غرق السفن الأخيرة، ولن تمنع الناس من محاولة البحث عن الأمان، بل ستعرّض الناس فقط لرحلات بحرية أكثر خطورة".

المقال التالي
يوم المرأة العالمي
تحديث حول مشروع 6 مارس/آذار 2023