Skip to main content
Youssef Al-Khishawi, an MSF water and sanitation agent, oversees a water distribution for displaced people in the southern Gaza town of Rafah’s Saudi neighborhood.

نقص المياه النظيفة يأتي بالأمراض والمعاناة

الحرب في غزة: اطّلع على استجابتنا
اقرأ المزيد

رتلٌ طويل من مئات الناس في مختلف الأعمار يمكن رؤيته من بعيد، يحمل معظمهم زجاجات مياه مميزة باللون الأصفر أو الأزرق وتتسع لحوالي 40 لترًا.

يعيش بعض هؤلاء الناس في خيامٍ قريبة من شاحنة المياه التي استقطبت الحشود إلى هذه المنطقة في رفح وهي مدينةٌ تقع في جنوب قطاع غزة، فيما يعيش آخرون في ملاجئ تبعد كيلومترات عديدة عن المكان وقد أحضروا كراسٍ متحركة وشاحنات يدوية وعربات تسوق وحتى عربات أطفال لنقل هذا المورد الحيوي إلى ملاجئهم.

أتى رجلٌ يعاني من إعاقة بصرية برفقة ابنته الصغيرة التي كانت تقود الطريق فيما يحمل والدها الماء، سارا مسافة كيلومترين كي يصلا إلى هنا لأنه لا توجد مياه نظيفة في منطقة المواصي الساحلية التي يقيمان فيها.

مجموعة من النازحين الفلسطينيين ينتظرون أمام شركة عبد السلام ياسين في منطقة تل السلطان برفح جنوب قطاع غزة.
مجموعة من النازحين الفلسطينيين ينتظرون الحصول على المياه في منطقة تل السلطان في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث بدأت فرقنا برنامجًا لتوزيع المياه في ديسمبر/كانون الأول 2023 للاستجابة لبعض الاحتياجات الأكثر إلحاحًا للناس. فلسطين، في 20 يناير/كانون الثاني 2024.
Mohammed Abed

منذ أن بدأت الحرب في غزة قبل أربعة أشهر، لم يسلم إلا القليل جدًا من البنى التحتية من الضربات الجوية التي لا تكاد تتوقف والتي طالت حتى أنابيب المياه. وقد أشارت اليونيسيف إلى أن ما لا يقل عن نصف مرافق المياه والصرف الصحي في غزة قد دُمّرَت أو تضررت فيما قالت الأونروا بأن نحو 70 في المئة من سكان غزة يشربون مياهً مالحة أو ملوثة.

يعاني الفلسطينيون في رفح لتأمين مياه نظيفة للشرب والطبخ والغسيل علمًا أن عدد سكان المدينة الواقعة على الحدود المصرية كان يبلغ سابقًا نحو 300,000 نسمة ولكنها تستضيف اليوم نحو 1.5 مليون نازح من كافة أنحاء غزة. ويعيش سكان هذا الجزء من القطاع في ظروفٍ صعبة وبائسة نتيجةً للاكتظاظ ونقص المياه النظيفة والمراحيض والحمامات وأنظمة الصرف الصحي والتي تفاقمت بسبب طقس الشتاء البارد.

رأينا مؤخرًا أطفالًا يعانون من طفح جلدي نتيجة نقص المياه النظيفة للاستحمام والغسيل. محمد أبو زايد، مدير التوعية الصحية في أطباء بلا حدود

الإنفلونزا والأمراض الجلدية والإسهالات

وفي هذا الصدد، يقول مدير التوعية الصحية في أطباء بلا حدود، محمد أبو زايد، "لاحظنا بأن المرضى يعانون من مشاكل معوية ومن فيروس الإنفلونزا الذي ينتشر على نطاق واسع نتيجة نقص المياه النظيفة الصالحة للشرب والاستخدامات الأخرى، كما رأينا مؤخرًا أطفالًا يعانون من طفح جلدي نتيجة نقص المياه النظيفة للاستحمام والغسيل".

يعتبر التجفاف والتهاب الكبد A أيضًا من المخاطر الصحية. وفي هذا السياق، تقول المستشارة الطبية في منظمة أطباء بلا حدود في غزة، مارينا بوماريس، "يمكن أن يؤدي نقص المياه النظيفة إلى أمراض عديدة مرتبطة بجودة الماء كالإسهالات والأمراض الجلدية، لكن عدم وجود مياه كافية أيضًا يمكن أن يؤدي ببساطة إلى التجفاف".

ويؤثر هذا كذلك على الطبخ والنظافة الشخصية، مما يزيد من خطر العدوى. وتضيف، "تتفاقم هذه التأثيرات بين الأطفال الذين تكون أجهزة مناعتهم أضعف من البالغين ممّا يجعلهم أكثر عرضةً للأمراض والحساسيات".

وتوفر فرق أطباء بلا حدود الرعاية الصحية الأساسية في موقعين في رفح وقد باتت الإسهالات والأمراض الجلدية منذ 2 فبراير/شباط تشكل نحو 30 في المئة من الأمراض التي يعاني منها المرضى الذين تقلّ أعمارهم عن خمس سنوات ممّن يأتون إلى عيادة أطباء بلا حدود في الشابورة والنقطة الصحية التي تديرها المنظمة في المواصي. 

يوسف الخيشاوي، مسؤول المياه والصرف الصحي في أطباء بلا حدود "نقص الوقود اللازم لضخ المياه ونقلها أول التحديات التي تواجهنا عند توزيع المياه... عدم وجود نقاط لتوزيع المياه، فقد تعرضت هي الأخرى للقصف. فأنابيب المياه والشوارع والبنى التحتية أصبحت مدمرة".
يوسف الخيشاوي، مسؤول المياه والصرف الصحي في منظمة أطباء بلا حدود، يساعد الأطفال في نقل المياه إلى خيمتهم في منطقة تل السلطان في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، في 27 يناير/كانون الثاني 2024.

كما استقبلت فرق أطباء بلا حدود العاملة في رفح خلال الأسابيع الأخيرة نحو 43 مريضًا يشتبه في إصابتهم بالتهاب الكبد A، علمًا أن كل هذه المشاكل الصحية مرتبطة بنقص المياه النظيفة وتتفاقم نتيجة نقص المرافق الطبية العاملة في المنطقة.

هذا وتسعى المنظمة إلى الاستجابة لأكثر الاحتياجات إلحاحًا بين النازحين في رفح، لذا فقد بدأت فرق أطباء بلا حدود في ديسمبر/كانون الأول 2023 برنامجًا لتوزيع المياه وتؤمن اليوم فرق المياه والصرف الصحي التابعة للمنظمة ما معدله 110,000 لتر من مياه الشرب الآمنة يوميًا لنحو 20,000 شخص. بيد أن هذا لا يكفي إطلاقًا لتلبية الاحتياجات.

وفي هذا الصدد، يقول مسؤول المياه والصرف الصحي في أطباء بلا حدود، يوسف الخيشاوي، "يحتاج الشخص الواحد في الأحوال الطبيعية إلى لترين أو ثلاثة لترات من مياه الشرب يوميًا. لكن الأسرة المكونة من ستة أشخاص تحصل اليوم على غالون واحد من المياه (3.8 لتر) نظرًا للنقص الراهن".

فرّت حنين من بيتها في مدينة غزة في الأيام الأولى لاندلاع الحرب جراء القصف وها هي اليوم تحتمي في رفح وتعاني كغيرها من الناس الموجودين في المدينة كي تؤمن ما يكفي من الغذاء والماء وبقية أساسيات الحياة، فتقول، "نقف في طوابير لتأمين الماء. وإن سنحت لنا الفرصة بالحصول على بعض الماء فإننا سنستخدمه للشرب وغسل الأواني لكن إن لم نحصل على أي شيء فيتعين علينا الانتظار لليوم التالي".

نازحون فلسطينيون في حي الشابورة برفح جنوب قطاع غزة.
أطفال يدفعون عربة مليئة بزجاجات المياه باتجاه خيمهم. ويكافح الفلسطينيون في رفح من أجل العثور على مياه نظيفة للشرب أو الطبخ أو الغسيل. فلسطين، في 18 يناير/كانون الثاني 2024.
Mohammed Abed

يشار إلى أن أطباء بلا حدود مستعدة لزيادة كمية المياه التي توزعها لكن ثمة نواقص أخرى تعيقها عن ذلك، إذ لا يُسمح مثلًا إلا لعددٍ محدود من شاحنات نقل المساعدات والوقود بدخول القطاع.

ويضيف الخيشاوي، "يعتبر نقص الوقود اللازم لضخ المياه ونقلها أول التحديات التي تواجهنا عند توزيع المياه. بينما يتمثل التحدي الثاني في عدم كفاية الطرقات المناسبة التي يمكن لشاحناتنا أن تسير عليها، حتى أن هناك خيامًا منصوبةً على الزفت. أما التحدي الثالث فهو عدم وجود نقاط لتوزيع المياه، فقد تعرضت هي الأخرى للقصف. فأنابيب المياه والشوارع والبنى التحتية أصبحت مدمرة".

تجدّد أطباء بلا حدود دعوتها إلى وقف إطلاق النار بشكل دائم فهذا هو السبيل الوحيد أمام أهل غزة للعودة إلى بيوتهم. كما تدعو المنظمة إلى عودة تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع وزيادتها بما يضمن توفير المواد الأساسية كالغذاء والماء والرعاية الصحية للناس.

المقال التالي
حرب غزة وإسرائيل
تحديث حول مشروع 5 أبريل/نيسان 2024