Skip to main content
Sexual Violence in Eastern DRC: A Persistent Emergency
في مركز ماكومبو الصحي، على بعد 45 كيلومترًا من مدينة غوما في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، يقدّم عامل طبي من أطباء بلا حدود الرعاية لناجية من العنف الجنسي. جمهورية الكونغو الديمقراطية، في مايو/أيار 2025.
© Lamine Keita/MSF

العنف الجنسي يشكّل حالة طوارئ مستمرة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية

في مركز ماكومبو الصحي، على بعد 45 كيلومترًا من مدينة غوما في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، يقدّم عامل طبي من أطباء بلا حدود الرعاية لناجية من العنف الجنسي. جمهورية الكونغو الديمقراطية، في مايو/أيار 2025.
© Lamine Keita/MSF

غوما – مجدّدًا هذا العام، وصلت أعداد الضحايا والناجين من العنف الجنسي الذين عالجتهم فرق أطباء بلا حدود شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية إلى مستويات مقلقة. تدعو أطباء بلا حدود جميع أطراف النزاع إلى اتّخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز سلامة المدنيين وضمان وصول الجميع إلى الرعاية الصحية. كما تحثّ المجتمع الدولي على إبقاء تقديم الرعاية للناجين والناجيات في صلب أولوياته رغم التخفيضات الحالية في التمويل.

على مدى سنوات، لم تتوانَ أطباء بلا حدود عن التحذير من مستويات العنف الجنسي المقلقة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد شهد عدد الضحايا الذين تلقّوا الرعاية من فرق المنظمة ارتفاعًا كبيرًا خلال السنوات الثلاث الماضية، منذ تجدد القتال بين الجيش الكونغولي وحركة إم 23/تحالف فلوف الكونغو وحلفائهما. وتتخذ هذه الأزمة منحى أكثر حدّة في مقاطعة شمال كيفو، حيث قدّمت فرق أطباء بلا حدود الرعاية لعدد غير مسبوق من الناجين والضحايا، اقترب من 40,000 شخص خلال عام 2024 وحده.

وقد استمرّت هذه الوتيرة المقلقة في عام 2025، إذ عالجت فرق أطباء بلا حدود منذ شهر يناير/كانون الثاني عددًا هائلًا من الناجين ضمن مرافقها في شمال وجنوب كيفو على نحوٍ مثير للقلق. وفي هذا الصدد، يشرح رئيس برامج أطباء بلا حدود في شمال كيفو، فرانسوا كالاس، "تبدّلت الأوضاع في المنطقة من دون تغيّر في واقع العنف الجنسي الذي يطال النساء بشكل خاص. فما زال هذا العنف يشكّل حالة طارئة طبية ويستدعي استجابة فورية".

في إقليم شمال كيفو، فُكّكت مخيمات النازحين في غوما التي كانت تؤوي أكثر من 650,000 نازح في فبراير/شباط 2025، عقب سيطرة حركة إم 23/ تحالف فلوف الكونغو على المدينة. ورغم ذلك، لا تزال فرق أطباء بلا حدود تعالج يوميًا ضحايا وناجيات من العنف الجنسي في مرافقها الصحية داخل المدينة وفي محيطها حيث بلغ عدد من تلقّوا الرعاية نحو 7,400 شخص بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان 2025. وفي بلدة ساكيه الصغيرة الواقعة على بُعد 20 كيلومترًا إلى الغرب من غوما، عولج أكثر من 2,400 من الضحايا والناجين خلال الفترة ذاتها.

منذ تفكيك المخيمات، لم تتمكن العديد من النساء النازحات من العودة إلى قراهن أو لم يرغبن في ذلك، وغالبًا ما تُركن بمفردهن مع أطفالهن في الأماكن التي التجأوا إليها.

أراد ثلاثة رجال اغتصابي أمام زوجي وأطفالي الثمانية. قاوَم زوجي فقتلوه. ناشا*، ناجية من العنف الجنسي

ويوضح كالاس، "نستقبل نساء كثيرات تعرّضن للعنف في منازل العائلات المضيفة أو مراكز الاستقبال المجتمعية حيث يقطنّ أو بالقرب منها. وفي كثير من الأحيان يُجبرن على ممارسة أعمال جنسية مقابل المأوى، ولا يبدو أنّهن يشعرن بالأمان أينما وجدن".

وكما هو الحال منذ سنوات، ارتُكبت أغلبية حالات الاعتداء التي أبلغ عنها الضحايا في عام 2025 تحت تهديد السلاح أو باستخدامه من قبل أفراد يصعب التعرف عليهم بسبب تعدد الجهات التي تحمل السلاح سواء من المدنيين أو العسكريين، إلى جانب انتشار الأسلحة وحالة انعدام الأمان المستمرة.

ويضيف كالاس، "في غوما، تُفيد العديد من المريضات بأنهن تعرّضن للاغتصاب ليلًا خلال فترات انعدام الأمن، أثناء عمليات السطو التي غالبًا ما تترافق مع اختطاف أزواجهن أو حتى قتلهم. وفي بعض الأحياء تُرتكب هذه الاعتداءات في وضح النهار".

وتقول ناشا*، امرأة نازحة شيّدت مأوى في فناء إحدى المدارس، "دخل علينا رجال مسلّحون عند الساعة العاشرة والنصف مساءً تقريبًا. قُتل بعض الرجال واغتصبت بعض النساء على غرار ما حلّ بي. أراد ثلاثة رجال اغتصابي أمام زوجي وأطفالي الثمانية. قاوَم زوجي فقتلوه".

وفي محيط غوما وبلدة ساكيه، أبلغ ضحايا كثيرون عن تعرّضهم للهجوم على الطريق أو في الحقول.

وبحسب ريكا*، وهي من سكان قرية تبعد حوالي أربعين كيلومترًا إلى الغرب من غوما، "طلبوا مني الاختيار بين تسليمهم جسدي أو قتلي. لقد اغتصبوني واحدًا تلو الآخر".

أنشطة أطباء بلا حدود في جمهورية الكونغو الديمقراطية
جان، أخصائي نفسي في أطباء بلا حدود، في استشارة مع ناجية من العنف الجنسي. جمهورية الكونغو الديمقراطية، مايو/أيار 2025.
Lamine Keita/MSF

في مقاطعة جنوب كيفو، ينذر الوضع بمستوى مشابه من الخطر. ففي كاليهي وأوفيرا، قدّمت فرق أطباء بلا حدود الرعاية لقرابة 700 شخص من ضحايا العنف الجنسي والناجين منه منذ بداية عام 2025. وتُظهر معظم الشهادات التي جُمعت أن هذه الاعتداءات ارتُكبت تحت تهديد السلاح.

وتقول امرأة من إحدى القرى الواقعة في التلال المحيطة بكامانيولا في جنوب كيفو، "عانينا الأمرّين في الحقول التي التجأنا إليها. لم يسمح لنا الرجال المسلحون بعبور القرى، حتى أن بعض النساء تعرضن للاغتصاب عندما حاولن الوصول إلى المرافق الصحية".

ويوضح مدير الأنشطة الطبية مع أطباء بلا حدود في جنوب كيفو، لودر لوريش، "الأرقام لا تعكس الواقع، فهناك الكثير من العوائق التي تؤثّر في الحصول على الرّعاية، منها الخوف من الانتقام ووصمة العار والبعد الجغرافي ونقص القدرة على توفير العلاج في المرافق الصحية".

أما ارتفاع عدد الحالات في بعض المناطق وانخفاضها في مناطق أخرى، فيعكس التفاوت في العلاج المتاح، وليس حجم المشكلة في المنطقة.

الخدمات الأساسية في خطر

لطالما كان تأثير العنف الجنسي – الذي يطال في المقام الأول النساء وحتى الأطفال – معروفًا وموثقًا منذ زمن. ورغم أن عدد الرجال الذين يقعون ضحايا للعنف الجنسي أقل بكثير، إلا أنه ينذر بالخطر كذلك. فإلى جانب التأثيرات الصحية والنفسية، تخلّف هذه الاعتداءات تبعات اجتماعية مدمّرة تشمل النبذ العائلي والمجتمعي ووصمة العار والطلاق والأفكار الانتحارية، فضلًا عن صعوبات بالغة تواجه الناجيات والناجون لمواصلة العيش في الأماكن التي تعرّضوا فيها للاعتداء.

وعلى الرغم من التحديات الحالية، من الضروري ألا نتخلى عن هؤلاء النساء والأطفال. ويجب أن تظل مساعي تقديم الرعاية لهم أولوية قصوى. فرانسوا كالاس، رئيس برامج أطباء بلا حدود في شمال كيفو

ويزداد الوضع سوءًا مع تفاقم تحديات الحصول على علاج، فقد نفدت الأدوية والمستلزمات الطبية التي تحتاجها مرافق صحية عديدة في مقاطعتي شمال كيفو وجنوب كيفو لعلاج الناجين من العنف الجنسي.

ويشدد فرانسوا كالاس، "بالإضافة إلى الانقطاع في سلاسل التوريد وإيصال الأدوية بسبب النزاع القائم، تثير التخفيضات العالمية في التمويل الإنساني مخاوف كبيرة بشأن المستقبل. وعلى الرغم من التحديات الحالية من الضروري ألا نتخلى عن هؤلاء النساء والأطفال ويجب أن تظل مساعي تقديم الرعاية لهم أولوية قصوى".

وإلى جانب دعم توفير الرعاية للضحايا والناجين، تدعو منظمة أطباء بلا حدود جميع الأطراف المعنية إلى بذل قصارى جهدها لضمان حماية أفضل للمدنيين وتسهيل وصولهم إلى الرعاية الصحية.  

تُقدّم فرق أطباء بلا حدود رعاية طبية ونفسية شاملة للضحايا والناجين من العنف الجنسي في كل من غوما وروتشورو وماسيسي وواليكالي في إقليم شمال كيفو، وكالهِي وأوفيرا في إقليم جنوب كيفو. وتشمل الرعاية الطبية الدعم النفسي والجسدي والعلاجات الوقائية من العدوى المنقولة جنسيًا ووسائل منع الحمل الطارئة واللقاحات ورعاية الإجهاض الآمن. أما الحالات الحرجة، فتُحال إلى مستشفيات متخصصة.

*تم تغيير الأسماء لحماية هوية المريضات.

المقال التالي
حرب غزة وإسرائيل
بيان صحفي 5 يونيو/حزيران 2025