Skip to main content
Diphtheria epidemic in Chad
أحد أفراد فريق التطعيم المتنقل يقدّم لقاح الخناق لطفل خلال يوم السوق في مانتشارني. تشاد، في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

تشاد: أطباء بلا حدود تتصدى للتحديات اللوجستية بتطعيم خمسمئة ألف شخص ضد الخناق

أحد أفراد فريق التطعيم المتنقل يقدّم لقاح الخناق لطفل خلال يوم السوق في مانتشارني. تشاد، في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

في مساء يوم الثلاثاء الهادئ، وصلت سيارة إسعاف إلى مستشفى آتي الإقليمي في منطقة البطحاء وسط تشاد. كان بداخلها أربعة أفراد من عائلة واحدة تظهر عليهم أعراض الخناق، وهو مرض يمكن الوقاية منه تمامًا، لكنه عاد للانتشار في البلاد خلال السنوات الأخيرة. فمنذ يوليو/تموز 2024، أُبلغ عن أكثر من 2,700 إصابة بالمرض، ويُعزى ذلك بدرجة كبيرة إلى انخفاض معدلات التطعيم ومحدودية الوعي العام بالمرض.

قطعت الأم وأطفالها الثلاثة مسافة 65 كيلومترًا على طرق وعرة وغير معبّدة للوصول إلى المستشفى. وفي تشاد، يُعدّ الحصول على وسائل نقل آلية أمرًا نادرًا ومكلفًا، ما يجعل من خوض هذه الرحلة مهمة شاقّة. تمكّن الفريق الطبي التابع لأطباء بلا حدود من إنقاذ الأم وطفليها الأكبر سنًا، لكن الطفل الأصغر كان في حالة حرجة وتوفي بعد بضعة أيام.

ينجم مرض الخناق عن بكتيريا تُنتج سُمًّا خطيرًا. ومن شأنه أن يتسبب في حمى وصعوبة في التنفس وتورم في العنق، وقد يؤدي في الحالات الشديدة إلى فشل في الأعضاء أو الوفاة، خصوصًا لدى الأطفال الذين يعانون من مشكلات صحية سابقة.

في سبيل المساعدة على كبح تفشي المرض وإبطاء انتشاره، وهو مرض كان يُعتقد أنه تحت السيطرة في تشاد منذ فترة طويلة، قدّمت أطباء بلا حدود الدعم لوزارة الصحة والوقاية في تشاد من خلال علاج المرضى ومتابعة انتشار المرض وتنفيذ حملة تطعيم جماعية تهدف إلى الحد من الإصابات. وقد شكّلت هذه الحملة إنجازًا لوجستيًا كبيرًا، إذ وصلت إلى نحو 500,000 شخص في منطقتين قاحلتين يصعب التنقل فيهما وتندر فيهما المراكز الصحية المتباعدة.

Diphtheria epidemic in Chad
تلقت مريم لقاح الخناق خلال يوم السوق في مانتشارني. قطعت مريم ووالدتها أكثر من خمس كيلومترات سيرًا على الأقدام من قريتهما للوصول إلى السوق. تشاد، في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

الوصول إلى المرضى في مرحلة مبكرة

في وحدة علاج الخناق بمستشفى آتي الإقليمي، يتعافى داوود مهادي البالغ من العمر 11 عامًا ببطءٍ من المرض. عندما ظهرت عليه الأعراض للمرة الأولى، حاولت والدته علاجه بالأدوية التقليدية لعدم وجود مركز صحي قريب.

وتقول في هذا الصدد، "حاولنا استخدام الطب التقليدي لعدم وجود خيار آخر أمامنا، لكنه لم يُجْدِ نفعًا. كنت أراه يضعف يومًا بعد يوم، حتى لم يعد قادرًا على ابتلاع الماء".

عندما وصل داوود إلى المستشفى، كان يعاني من سوء تغذية شديد، ووزنه لا يتجاوز 15 كيلوغرامًا.

تواجه الاستجابة للخناق في تشاد عدة تحديات خطيرة، من بينها نقص المعرفة حول المرض وصعوبة الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية وانعدام خيارات العلاج المتاحة.

تعمل فرق أطباء بلا حدود أيضًا في مستشفى موسورو في منطقة بحر الغزال، حيث نعالج المرضى وندرّب العاملين في القطاع الصحي، وندعم المراكز الصحية الواقعة على الأطراف لتشخيص مرض الخناق وعلاجه. ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2024، عالجت فرق أطباء بلا حدود في آتي وموسورو أكثر من 1,600 مريض، من بينهم 700 حالة حرجة.

وبالإضافة إلى الاستجابة الطبية، أعادت أطباء بلا حدود تأهيل 20 بئرًا في موسورو ومنطقة شدرا المجاورة، لتحسين فرص وصول السكان إلى المياه النظيفة والمساهمة في الوقاية من تفشي أمراض معدية أخرى.

أنشطة أطباء بلا حدود في تشاد
مجموعة من الأطفال تتعلّم عن مرض الخناق مع فريق أطباء بلا حدود الذي يشرح لهم كيف يوفّر التطعيم الحماية من المرض. أليفا، تشاد، في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

التطعيم: إنجاز لوجستي هائل

في سبيل معالجة تدني معدلات التلقيح التي ساهمت في تفشي الوباء، تعاونت أطباء بلا حدود مع وزارة الصحة والوقاية لتنفيذ حملة تطعيم جماعية استهدفت 300,000 شخص في منطقة البطحاء و200,000 شخص في منطقة بحر الغزال. وركّزت الحملة على الوصول إلى المجتمعات النائية والمعزولة، بما في ذلك مجتمعات الرحّل، لتأمين الجرعتين الضروريتين من اللقاح وضمان الحماية الكاملة من الخناق.

وقد شكّل الوصول إلى هذه المجتمعات المتفرقة أحد أكبر التحديات في تنظيم حملة تطعيم شاملة. فمع تباعد المجتمعات عن بعضها البعض في كثير من الأحيان، ووجودها في مناطق لا تحتوي على طرقات سالكة، نشرت أطباء بلا حدود قرابة 100 دراجة نارية ومركبة مخصصة للطرق الوعرة لنقل فرق التطعيم واللقاحات أينما دعت الحاجة إليها.

يُشار إلى أن لقاحات الخناق يجب أن تُحفَظ في درجة حرارة تتراوح بين 2 و8 درجات مئوية.

ويشرح رئيس بعثة أطباء بلا حدود، جان بورج، "شكّل نقل اللقاحات مع الحفاظ على سلسلة التبريد في مناخ صحراوي قد تصل فيه درجات الحرارة إلى 45 درجة مئوية تحدّيًا هائلًا. تطلّب الأمر جهودًا ضخمة، لا سيما بيئة تعاني من محدودية شديدة في البنية التحتية الصحية وعدم استقرار إمدادات الكهرباء."

وللوصول إلى مجتمعات الرحّل في منطقة البطحاء وكسب ثقتها، تعاونت أطباء بلا حدود ووزارة الصحة والوقاية مع وزارة الثروة الحيوانية لتنفيذ استراتيجية حملت اسم "الصحة الواحدة". ويهدف هذا النهج المتكامل، الذي يربط بين صحة الإنسان والحيوان والبيئة، إلى بناء الثقة مع المجتمعات المحلية وتطعيم الناس خلال حملات تطعيم المواشي، وهي مبادرة ساهمت بشكل كبير في رفع معدلات التطعيم ضد الخناق.

أنشطة أطباء بلا حدود في تشاد
في المناطق النائية التي تفتقر إلى الطرق أو التي تنعدم فيها السلامة في بعض الأحيان، تستخدم أطباء بلا حدود الدراجات النارية لإرسال فرق التطعيم ومسؤولي التوعية والمعدات اللازمة لتنفيذ الأنشطة. تشاد، في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

الحاجة إلى البقاء على أهبة الاستعداد

منذ عام 2023، حذّرت أطباء بلا حدود من عودة مرض الخناق إلى الظهور في غرب إفريقيا. وتعتمد الحماية من هذا المرض على برامج التحصين الروتيني التي شهدت اضطرابات كبيرة بعد جائحة كوفيد-19، خاصة نتيجة نقص التمويل وتراجع الأولوية.

ولمنع تفشي المرض في المستقبل، تواصل أطباء بلا حدود الدعوة إلى تعزيز أنظمة الرصد الوبائي، وتفعيل برامج تلقيح أكثر فاعلية.

المقال التالي
السودان
بيان صحفي 11 يونيو/حزيران 2025