Skip to main content
Occupied Minds

عقول محتلة: رصاصةٌ واحدة تبعثر حياةً كاملة

الحرب في غزة: اطّلع على استجابتنا
اقرأ المزيد

رائد أبٌ في الثالثة والأربعين من العمر ولديه ستّة أطفال، وهو يعيش في حيّ بيت أمّر في محافظة الخليل. أصيب رائد برصاصة في الورك من قبل الجيش الإسرائيلي أثناء تشييع جنازة فتى فلسطيني قضى برصاص القوات الإسرائيلية. يعجز رائد اليوم عن إعالة أسرته وهو يعاني من أعراض الاكتئاب.

فيديو

Occupied Minds: Raed

Moises Saman/Magnum Photos

كُنت أسير في جنازة ابن عميّ وأرفع نعشه مع الرجال الآخرين. وكُنت مقرّباً من والده جدّاً، لأنّنا نعمل في البناء معاً. أُقيمت الجنازة في أحد المساجد، وحملت النعش مع بقيّة الرجال عند خروجنا بعد انتهاء الصلاة.  

كان الشباب غاضبون جدّاً، وبدؤوا برمي الحجارة على نقطة تفتيشٍ عسكرية، وردّ الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار العشوائي علينا. لم أشعر بالإصابة الأولى، ولكنّني شعرت بالثانية دون شكّ، حيث سقطتُ على الأرض وسقط نعش ابن عمّي فوقي.

لم تكن هناك سيارة إسعاف، لذلك وضعني بعض الأصدقاء في سيارة ونقلوني إلى المستشفى حيث عالجوا إصابتي كحالةٍ طارئة، لأنّ إحدى الرصاصتين أصابتني في منطقة الحوض. وفي النهاية، خضعت لعملٍ جراحيّ، وقام الجرّاحون بتركيب البراغي داخل جسمي وتثبيت العظام. بدأت حالتي تتحسّن بعد العملية، ولكنّني كنت أعاني، واستخدمت مساعد المشي لمدة 70 يوماً.

في إحدى الليالي، ودون سابق إنذار، دقّ الجنود الإسرائيليون باب بيتي، وقالوا أنّهم سيفجرون الباب في حال رفضت أن أفتح لهم، فقلت لهم: "افعلوا ما تريدون، ولكن هناك أطفالٌ صغارٌ في المنزل، لذلك أطلب منكم أن تهدؤوا قليلاً".

كان الأطفال يصرخون رعباً عندما اقتحم الجنود المنزل وقاموا بتحطيم الخزائن والأثاث وكلّ المحتويات. وكنت مع ابني الصغير أكثر من عانى في تلك الحادثة، ولو استطاع أن يختفي في ملابسي لقام بذلك من شدّة الرعب".

كُنتُ أرسله في الماضي إلى بيت عمّه أو إلى المتجر، ولكنّه يرفض القيام بذلك اليوم، كما أنّه لا يخرج للّعب، وأشعر وكأنّني فقدته، وكأنّه لم يكن ابني يوماً. اعتقدت في البداية أنّه ضعيف، ولكنّ الطبيب النفسي في منظمة أطباء بلا حدود أخبرني أنّ نفسيته قد تحطّمت، وهو بحاجةٍ إلى علاجٍ طويل.

افعلوا ما تريدون، ولكن هناك أطفالٌ صغارٌ في المنزل، لذلك أطلب منكم أن تهدؤوا قليلاً رائد، بيت أمّر في محافظة الخليل، فلسطين

لم أعد قادراً على العمل بسبب الإصابة، مع أنّني كنت أتقاضى راتباً جيّداً، ولكنّنا نعاني اليوم، فبعد أن كنت أذهب مع عائلتي للسياحة مرتين في العام إلى الأردن أو تركيا، لم نعد اليوم قادرين على تحمّل هذه النفقات.

لديّ قطعة أرضٍ قرب المنزل، وكنت أزرعها لنأكل ونبيع من المحصول. وقبل أن أُصاب بعشرين يوماً كنت قد زرعت الفول، وبعد الإصابة كان كلّ جيراني وأصدقائي قلقين عليّ ولم يتذكّر أيٌّ منهم رعاية الأرض، وأنا لم أكن قادراً على ذلك. لقد كانت تلك الأرض خضراء ومثمرة عندما كنت أرعاها لكنّها أصبحت اليوم بلا فائدة.

هذه هي قصتي التي لا تختلف كثيراً عن قصص الآخرين.

المقال التالي
الصحة النفسيّة
أصوات من الميدان 16 اكتوبر/تشرين الأول 2018