Skip to main content
Faces and Voices from Wad Madani 02

القيود ونقص الأدوية تحرم سكان ولاية الخرطوم من الخدمات المنقذة للحياة

الحرب في غزة: اطّلع على استجابتنا
اقرأ المزيد
  • في ظل النزاع المستمر في السودان، أصبحت إمكانية حصول الناس على الرعاية الصحية محدودة بشكل متزايد، إذ يشكل إغلاق المرافق ونقص الأدوية ومحدودية تراخيص السفر أبرز المشاكل.
  • تحث أطباء بلا حدود السلطات السودانية على ضمان عدم إعادة فرض القيود، بما في ذلك تقييد تصاريح السفر للموظفين.

باريس - خلال الأشهر القليلة الماضية، أضحى سكان ولاية الخرطوم في السودان محرومين بشكل متزايد من الرعاية الصحية. ولا يزال عدد قليل جدًا من المرافق الطبية يعمل، ممّا يحرم ثلاثة ملايين نسمة من الخدمات الطبية المنقذة للحياة. وللمرة الأولى منذ أكثر من 90 يومًا، مُنح عدد محدود من تصاريح السفر للعاملين في المجال الإنساني للوصول إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

وقبل ذلك، لم تُمنح أية تصاريح للسفر إلى الخرطوم منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول. ولهذا السبب، تدعو منظمة أطباء بلا حدود السلطات السودانية إلى ضمان عدم إعادة فرض هذه القيود، من أجل تجنب المزيد من الخسائر في الأرواح. 

وفي هذا الصدد، يوضح رئيس بعثة منظمة أطباء بلا حدود في السودان، جان غي فاتو، "بالرغم من النزوح الجماعي السابق من الخرطوم بسبب القتال المستمر، لا يزال هناك عدد كبير من الأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الفرار، أو لم يتمكنوا من القيام بذلك كونهم مستضعفين أو بسبب انعدام الأمن، وهم يكافحون الآن للحصول على العلاج الضروري".

ويعتبر هذا المستشفى [مستشفى بشائر التعليمي] بمثابة شريان حياة للكثيرين كونه أحد المستشفيات المحدودة العاملة المتاحة لمجتمع ولاية الخرطوم، لكننا بدأنا نفتقد الأساسيات. سليمان عمار، المنسق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود

وفي الخرطوم، لا يعمل حاليًا سوى عدد قليل من المستشفيات، وتستمر أسعار الأدوية الأساسية في الارتفاع. تستقبل فرق منظمة أطباء بلا حدود في المستشفى التركي أكثر من مئة مريض يوميًا، معظمهم من الأطفال والنساء الحوامل. ويصل العديد منهم في حالة حرجة وفي مراحل متقدّمة من المرض بعد أن خاطروا بحياتهم للوصول إلى المستشفى، إذ يضطرون أحيانًا إلى السفر لأميال سيرًا على الأقدام وعبر الخطوط الأمامية، نظرًا لعدم توفر خدمة الإسعاف، فضلًا عن خيارات النقل المحدودة المتاحة.

يقول فاتو، "أُحضرت فتاة تبلغ من العمر أربع سنوات إلى غرفة الطوارئ بعد إصابتها في بطنها برصاصة طائشة دخلت منزلها. أخذتها والدتها إلى ثلاثة مستشفيات أخرى قبل أن تتمكن أخيرًا من إجراء عملية جراحية لها في المستشفى التركي. واستقبلنا أيضًا حالة مأساوية أخرى، حيث كان أربعة أطفال يلعبون بصاروخ غير منفجر، ولم يكن لديهم أيّ فكرة أنّه جسم خطير حتى انفجر في أيديهم، وتمّ نقلهم إلى المستشفى، واتضح أنّ اثنين منهم كانوا بحاجة إلى إجراء عملية جراحية طارئة في البطن".

ويفتقر مستشفى أم ضوابان أيضًا إلى دواء الأوكسيتوسين، وهو ضروري للكثير من النساء أثناء المخاض. ويصف أحد أعضاء طاقم العمل المشاهد المؤلمة داخل وحدة طب الأطفال، حيث لا يتمكن الأطفال المصابون بأمراض مزمنة مثل مرض السكري من العثور على الأنسولين، وغالبًا ما يصلون إلى المستشفى ولم يتبقَ لهم سوى ساعات قليلة.

مستشفى أمداوانبان في السودان
مرضى يجلسون في ممر مستشفى أمدوانبان الذي تدعمه منظمة أطباء بلا حدود في ولاية الخرطوم. السودان، في يوليو/تموز 2023.
MSF

ويقول أحد أعضاء فريق أطباء بلا حدود، "قبل أن تبدأ منظمة أطباء بلا حدود في تقديم خدماتها هنا، لم يكن الأطفال في أم ضوابان قادرين على الحصول على رعاية الأطفال، وبالتالي لم تكن هناك فرصة للبقاء على قيد الحياة. وبالرغم من أنّنا نشهد اليوم عددًا أقل من وفيات الأطفال، انخفض عدد طواقم عمل فريقنا الطبي داخل المستشفى حاليًا إلى حده الأدنى. ولا تزال حياة الأمهات والأطفال معرضة للخطر، وخصوصًا بالنسبة لأولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم أو مشاكل الغدة الدرقية أو الصرع، الأمر الذي يتطلب أدوية يصعب العثور عليها لدى أطباء بلا حدود وزملاء وزارة الصحة على حد سواء".

وفي مستشفى بشائر التعليمي الواقع جنوب الخرطوم، يوضح المنسق الطبي لمنظمة أطباء بلا حدود، سليمان عمار، "لقد أجرى الفريق هنا أكثر من 6,100 استشارة في قسم الطوارئ خلال الأشهر الستة الماضية. ويعتبر هذا المستشفى بمثابة شريان حياة للكثيرين كونه أحد المستشفيات المحدودة العاملة المتاحة لمجتمع ولاية الخرطوم، لكننا بدأنا نفتقد الأساسيات. فعلى سبيل المثال، انخفض مخزون القفازات الطبية والمطهرات اللازمة لتنظيف الجروح بشكل ملحوظ لدرجة أنّ توفير الرعاية الطبية الأساسية أصبح يشكل تحديًا".

لا تزال حياة الأمهات والأطفال معرضة للخطر، وخصوصًا بالنسبة لأولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم أو مشاكل الغدة الدرقية أو الصرع. أحد أعضاء فريق أطباء بلا حدود

ويضيف عمار، "أتذكر طفلاً يبلغ عمره عامًا واحدًا كان قد تعرّض للإصابة وفقد والده في انفجار قنبلة. لقد كان في حالة حرجة ولكنه فاجأنا جميعًا عندما تعافى بعد شهرَيْن من الرعاية في جناح الاصابات البالغة. وعندما خرج الصبي من المستشفى، لم يكن لدى والدته - وهي الآن أرملة - مكان تذهب إليه، وقد أمضت ثلاثة أيام تحاول العثور على وسيلة للانتقال إلى خارج الخرطوم والانضمام إلى أقاربها في دارفور".

تواجه الكثير من فرق أطباء بلا حدود تحديات شديدة لإبقاء أبواب الخدمات مفتوحة، ويرجع ذلك إلى حدّ كبير إلى القيود الإدارية المفروضة على تصاريح سفر طاقم العمل.

ويضيف فاتو، "بينما تواصل فرقنا التعامل مع التدفق المروع للضحايا، فإنّ القيود المفروضة على حركة طواقم العمل الطبية الأساسية وغيرهم من العاملين في المجال الإنساني في ولاية الخرطوم لعدّة أشهر منعت الناس من الحصول على علاج الجروح المنقذ للحياة، وعلاج الأمراض التي يمكن الوقاية منها بالكامل. ولقد ازداد الطلب على الخدمات الصحية في الخرطوم منذ أعمال العنف التي اجتاحت ولاية الجزيرة في منتصف ديسمبر/كانون الأول.

وأدى ذلك إلى توقف الكثير من المرافق الصحية عن العمل في ود مدني، عاصمة الولاية، فضلًا عن عودة الكثيرين إلى الخرطوم. وقد مُنحت منظمة أطباء بلا حدود للتو الإذن بالعودة إلى مدينة ود مدني، ما يعدّ خطوة إيجابية، خصوصًا بعد غياب دام 90 يومًا، كما نحث السلطات السودانية على تسهيل وصولنا إلى ولايتي الجزيرة والخرطوم بشكل منتظم حتى نتمكن من تلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان".

المقال التالي
النزاع في السودان
بيان صحفي 13 أبريل/نيسان 2024