Skip to main content

الهجرة السورية (4): على أبواب أثينا

الحرب في غزة: اطّلع على استجابتنا
اقرأ المزيد

بعد أكثر من سنتين من الحرب، يشكل السوريون أكبر مجموعة من المهاجرين الذين يصلون إلى اليونان.

فيديو

The Syrian exodus reaches Athens

Anna Surinyach/MSF

"كانت الساعة 5 صباحاً. أعدت أختي إفطاراً شهياً. فجأة، قفزتُ في السيارة واتجهت إلى الحدود السورية-التركية".

يحتفظ لاوند ديك (21 سنة) من محافظة الرقة، بمفكرة يومية عن خروجه من سوريا. عدد الصفحات يزداد باطراد. حين كان طفلاً، أمل لاوند بالسفر إلى كندا للدراسة، لكن بعد رفض طلب تأشيرة الدخول، اكتفى بالدراسة في دمشق، حيث تعلم اللغة الإنكليزية. بعد اندلاع الحرب الأهلية، اضطر إلى الهرب من محافظة الرقة، بسبب الاشتباكات العنيفة في المنطقة. لم يتطلب الأمر وقتاً طويلاً قبل مغادرة البلاد. عرف بأنه لا يريد أن ينتهي به المطاف في أحد مخيمات اللاجئين بالقرب من الحدود، فاتجه بدلاً من ذلك إلى الشمال الغربي.

يقول لاوند: "اجتزت الحدود ومررت بمدن عديدة إلى أن وصلت إلى اسطنبول". اتصل بأحد المهربين الذي وافق على مساعدته على الوصول إلى أوروبا. سافر إلى مدينة إزمير، على ساحل تركيا الغربي، ضمن مجموعة من 25 سورياً. في إزمير، ركبوا قارباً صغيراً وعبروا بحر إيجة باتجاه جزيرة ليسفوس اليونانية. يضيف: "حاولنا من قبل أربع مرات. هذه هي المرة الأولى التي نجحنا فيها. كان معنا طفلان. خفت قليلاً لأن الوقت كان ليلاً والقارب صغير. الرحلة خطرة جداً".

شاهد حرس السواحل اليوناني القارب وساعد المهاجرين على الوصول إلى الشاطئ. ليس الأمر بهذه السهولة دوماً – فقد غرق سبعة سوريين في مارس/آذار الماضي حين جنح قاربهم وهو يحاول الرسو في ليسفوس.

يشكل السوريون أكبر مجموعة من القادمين الجدد إلى جزر بحر إيجة، المعبر الرئيسي إلى اليونان وبلدان الاتحاد الأوروبي.تقول لوانا كوتسيوني، خبيرة الهجرة في منظمة أطباء بلا حدود: "منذ عام 2004، كان معظم المهاجرين الذين يصلون إلى هنا من الأفغان. لكن الآن، ولأول مرة، يزيد عدد السوريين على أفراد أي جنسية أخرى".

في عام 2012، وصل نحو 8,000 سوري إلى اليونان بوسائل غير نظامية، مقارنة بنحو 1,709 في الأشهر الأربعة الأولى من هذه السنة، وذلك وفقاً لبيانات من الشرطة اليونانية. اعتاد معظم المهاجرين واللاجئين التوجه إلى الحدود البرية بين تركيا واليونان عند إفروس في الشمال، لكن في صيف عام 2012 شيدت السلطات اليونانية جداراً ونشرت قوة أمنية مؤلفة من 2,000 عنصر لوقف تدفق القادمين الجدد، ولذلك جرى اختيار طريق جديد عبر جزر بحر إيجة. في السنة الماضية، أطلقت منظمة أطباء بلا حدود في إفروس وجزر بحر إيجة معاً استجابات لمساعدة المهاجرين، وبعضهم بقي في مراكز الاحتجاز عدة أشهر متواصلة. بلغ عدد السوريين من بين المهاجرين الذين ساعدتهم منظمة أطباء بلا حدود 1,500 تقريباً.

منذ أبريل/نيسان 2013، ما عاد السوريون الذين يستطيعون إثبات جنسيتهم يحتجزون عند الوصول، على الرغم من القوانين اليونانية التي تجيز احتجاز المهاجرين الذين يأتون من بلدان أخرى من دون وثائق نظامية مدة تصل إلى 18 شهراً. أمضى لاوند وصحبه ليلة واحدة في ميناء ليسفوس في حجز حرس السواحل، وليلة أخرى في مخفر للشرطة. ثم زودتهم الشرطة بوثائق تسمح لهم بالإقامة في اليونان مدة ستة أشهر. بعد هذه المدة يجب عليهم إما طلب تجديد الإقامة أو مغادرة البلاد.

بعد الحصول على الإقامة، اشترى لاوند تذكرة سفر بالعبارة إلى العاصمة اليونانية أثينا. ويقول: "لا أملك الكلمات المناسبة لأعبّر عن هذا الشعور. أشعر بأنني حر وسعيد لخروجي من سوريا". وصلت العبارة إلى ميناء بيريوس بالقرب من أثينا في الليلة الأولى. غمرته البهجة حين خطا خطوته الأولى على البر اليوناني، لكنه صدم حين قبض عليه شرطيان. احتجز بضع ساعات واستجوبته وكالة الاتحاد الأوروبي لأمن الحدود الخارجية، المعروفة باسم "فرونتيكس"، قبل أن تخلي سبيله. يقول لاوند: "عرفوا بأنني أتكلم الإنجليزية. أبلغتهم بكل ما أعرفه، فأطلقوا سراحي".

ليست هذه العقبات الوحيدة التي تواجه المهاجرين القادمين إلى اليونان من سوريا وغيرها. تقول كوتسيوني: "معظمهم دفع كل ما يملك من مال إلى المهربين. ولا يتلقون أي مساعدة من الدولة اليونانية حين يصلون إلى هنا". يأتي معظم المهاجرين من بلدان يجتاحها النزاع مثل أفغانستان والعراق وسوريا. ولا يقتصر الأمر على عدم الترحيب بالقادمين الجدد إلى أوروبا فقط، بل يصبح الكثيرون منهم ضحايا للاعتداءات العنصرية.

بالنسبة لكثير من المهاجرين، ليست العاصمة اليونانية سوى نقطة عبور. يقول لاوند الذي لم يغادر سوريا من قبل: "لم أتوقع أن تكون أثينا على هذه الصورة. تخيلتها أوروبية – مثل المدن الألمانية والبريطانية". بدا لاوند مرهقاً ومتعباً مع أنه لم يمض في أثينا سوى يوم واحد. ليس واثقاً من الخطوة التالية: هل يذهب إلى كندا أم المملكة المتحدة لاستكمال دراسته، أم يبحث عن عمل في العاصمة اليونانية.

بعد ستة أسابيع، أكدت رسالة من لاوند عبر موقع فيسبوك أنه اتخذ قراره، وهو يستعد للقيام برحلة أخرى. يكتب قائلاً: "أنا في انتظار تأشيرة الدخول للذهاب إلى كندا مباشرة".  

المقال التالي
سوريا
تحديث حول مشروع 26 يوليو/تموز 2013