Skip to main content
حمى القرم - العراق

التصدي لانتشار حمى القرم – الكونغو النزفية في العراق

الحرب في غزة: اطّلع على استجابتنا
اقرأ المزيد

تقول المنسقة الطبية لمنظمة أطباء بلا حدود في العراق، الدكتورة تشين ليم، "كنا نعلم أن حمى القرم - الكونغو النزفية كانت موجودة في العراق منذ عقود. لكن عند مقارنة البيانات الوبائية الحالية والتاريخية، رأينا أن الانتشار يحدث بشكل أسرع من المعتاد هذه المرة". 

تعدّ حمى القرم - الكونغو النزفية مرضًا فيروسيًا يسبب حمى نزفية حادة بمعدل وفيات يتراوح بين 10 الى 40 في المئة. وعادةً ما يتواجد الفيروس في أجسام مجموعة واسعة من الحيوانات المُضيفة، مثل الماشية والأغنام والماعز. ويحدث الانتقال من تلك الحيوانات إلى البشر من خلال لدغات القُراد أو ملامسة سوائل أجسام الأشخاص المصابين أو الحيوانات المصابة بالفيروس وإفرازاتها.

شهد عام 2021 ارتفاعًا كبيرًا في عدد الإصابات بحمى القرم - الكونغو النزفية في العراق مقارنة بالسنوات السابقة، حيث سُجِّلَت 33 إصابة أدت إلى 13 وفاة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام. أمّا خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2022، فقد سجلت وزارة الصحة العراقية 212 حالة مشتبه بها ومؤكدة، من بينها 27 حالة وفاة. وقد ارتفع عدد الإصابات بحلول منتصف أغسطس/آب ليشمل 87 إصابة اخرى تضمنت 28 حالة وفاة جراء الحمى النزفية. 

كنا نعلم أن حمى القرم - الكونغو النزفية كانت موجودة في العراق منذ عقود. لكن... رأينا أن الانتشار يحدث بشكل أسرع من المعتاد هذه المرة. د. تشين ليم، المنسقة الطبية لمنظمة أطباء بلا حدود في العراق

وفي هذا الصدد، تقول الدكتورة تشين، "بادرنا على الفور بعرض مساعدتنا على السلطات الصحية وحددنا المجالات الرئيسية التي يمكننا أن نقدم فيها خبرة منظمة أطباء بلا حدود القيّمة في الاستجابة لتفشي الحمى النزفية التي اكتسبناها من استجاباتنا للأوبئة في بلدان أخرى حول العالم".

وعلى الرغم من الانخفاض الحالي الملحوظ في حالات الإصابة بحمى القرم - الكونغو النزفية مقارنة بالنصف الأول من عام 2022، مازالت منظمة أطباء بلا حدود على اتصال مباشر بالسلطات الصحية العراقية لمراقبة الوضع عن كثب. فتضيف الدكتورة تشين، "مازلنا على أهبة الاستعداد في حال بدأت الأعداد في التزايد مرة أخرى، كما أن دفعات جديدة من الأدوية في طريقها إلينا لنتبرع بها الى وزارة الصحة العراقية".

تعاون فعال لاﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻓﻌﺎلة للأزمة

بصفتنا منظمة طبية إنسانية تستجيب للاحتياجات الطبية الطارئة، تبقى فرقنا على استعداد دائم للاستجابة للأزمات الصحية والإنسانية. ومع تفشي حمى القرم - الكونغو النزفية في العراق، عمل فريقنا عن كثب مع السلطات الصحية في العاصمة وفي محافظة ذي قار، التي تعدّ مركز تفشي المرض. وتمثّل هدفنا في السيطرة على انتشار المرض وتوفير العلاج للمصابين به مع ضمان حماية مقدمي الرعاية الصحية من التعرض للإصابة. لذلك، فقد ركّزنا جهودنا على ثلاثة ركائز أساسية للاستجابة وهي الوقاية والتوعية والإمداد الطبي.

د. تشين ليم، المنسقة الطبية لمنظمة أطباء بلا حدود في العراق "شكّل تدريب مقدمي الرعاية الصحية والكوادر الداعمين لهم على ضمان الوقاية من العدوى ومكافحتها أثناء التعامل مع المرضى الذين يعانون من حمى القرم - الكونغو النزفية المحور الرئيسي لاستجابتنا".
حمى القرم - العراق

بناء القدرات التقنية لمقدمي الرعاية الصحية

تقول الدكتورة تشين، "شكّل تدريب مقدمي الرعاية الصحية والكوادر الداعمين لهم على ضمان الوقاية من العدوى ومكافحتها أثناء التعامل مع المرضى الذين يعانون من حمى القرم - الكونغو النزفية المحور الرئيسي لاستجابتنا. وقد شكّل ذلك عنصرًا أساسيًا لحماية العاملين في الخطوط الأمامية".

وبالإضافة إلى التدريبات المتعلقة بالوقاية من العدوى ومكافحتها، عملت فرق أطباء بلا حدود أيضًا على زيادة قدرة مقدمي الرعاية الصحية على معالجة المرضى سريريًا عبر إجراء جلسات تدريبية حول تشخيص المرضى وعلاجهم وطُرق تقديم الرعاية الصحية المناسبة، ويشمل ذلك تقنيات الفحص المختبرية وخيارات العلاج والتقنيات والأساليب المُتَّبَعة في ذلك.

توفير العلاجات الضرورية بشكل عاجل

في حين كان الشكل الفموي (الحبوب) لعقار ريبافيرين، وهو الدواء المعتاد لعلاج مرضى حمى القرم - الكونغو النزفية، متوفرًا في العراق، إلا أنه لم يكن الحل المناسب لعلاج جميع المرضى. فقد لا يكون بعض المرضى المصابين بعدوى شديدة في حالة وعي تام، مما يجعل تناول الدواء عن طريق الفم مستحيلًا، علاوة على ذلك فإن الأدوية الفموية تتطلب وقتًا أطول لإحداث التأثير المطلوب. وبالتالي تعدّ الحقن أكثر كفاءة وفعالية لإنقاذ العديد من المرضى المصابين بعدوى شديدة وحرجة، إلا أنه لم يكن متوفرًا في العراق آنذاك.

وبعد عرضِنا توفير العقار، استجابت السلطات العراقية بشكل سريع، فتقول الدكتورة تشين، "لقد سعدنا برؤية الاستجابة السريعة عندما عرضنا استيراد الأدوية من مخزوننا الدولي الذي كان متوفرًا بالفعل".

وخلال مدة زمنية قصيرة نسبيًا، استوردت منظمة أطباء بلا حدود 10,000 قارورة من ريبافيرين القابل للحَقن كما قدمت الدعم الفني لمقدمي الرعاية الصحية لضمان استخدام العلاج بشكل فعال.

عملنا على تحديد الثغرات المعرفية حول هذا المرض في المجتمع وقمنا بتطوير حملات إعلامية فعالة لنشر رسائل الوقاية الذاتية بين الأشخاص الذين يعيشون في المنطقة. د. تشين ليم، المنسقة الطبية لمنظمة أطباء بلا حدود في العراق

التوعية المجتمعية والتثقيف الصحي

بهدف الحد من انتشار المرض، كان من الضروري تعزيز الوعي ونشر رسائل التثقيف الصحي للمجتمع في مدينة ذي قار، حيث استخدمت أطباء بلا حدود وسائل التواصل الاجتماعي لرفع مستوى الوعي حول حمى القرم - الكونغو النزفية.

فتقول الدكتورة تشين، "نحن نعلم أن الناس في العراق يعتمدون بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعي كمصدر للمعلومات. لذلك عملنا على تحديد الثغرات المعرفية حول هذا المرض في المجتمع وقمنا بتطوير حملات إعلامية فعالة لنشر رسائل الوقاية الذاتية بين الأشخاص الذين يعيشون في المنطقة. لقد كانت حملتنا على وسائل التواصل الاجتماعي ذات اتجاهين، مما يعني أن الناس أُتيحت لهم الفرصة لطرح الأسئلة علينا في التعليقات على منشوراتنا، وقمنا بدورنا بالرد عليهم".

وقد تمكنت أطباء بلا حدود من إيصال رسائل التثقيف الصحي إلى أكثر من 1.1 مليون شخصٍ في ذي قار في غضون ثلاثة أسابيع، الأمر الذي أثبت فعالية الوسيلة في إيصال رسائل التوعية الصحية خلال وقت قصير جدًا.

وفقًا لبيانات منظمة الصحة العالمية سُجّلت أول إصابة بحمى القرم - الكونغو النزفية في العراق في عام 1979، حين تم تشخيص 10 إصابات بالمرض. ومنذ ذلك الحين بقي عدد الحالات المسجلة منخفضًا. فقد سجّلت ست إصابات فقط بين عامي 1989 و2009، و11 إصابة في عام 2010 تليها ثلاث وفيات في عام 2018. 

المقال التالي
العراق
تقارير 13 أبريل/نيسان 2023