Skip to main content
Sexual and Reproductive Health in the Community

"هذا المكان أشبه بغرفة طوارئ منه بغرفة ولادة"

الحرب في غزة: اطّلع على استجابتنا
اقرأ المزيد

في المخيمات المؤقتة في كوكس بازار في بنغلاديش تضع الكثير من نساء الروهينغا مواليدهن في خيامهن، ما يحدُّ من الخيارات الطبية المتاحة في حال حدوث خطب ما. يقدم جناح الأمومة الجديد التابع لأطباء بلا حدود في كوتوبالونغ، والذي سيتمكن من تحمل الظروف المناخية القاسية، غرفاً خاصة للوالدات ولمواليدهن.

تجلس امرأة تعاني من الدوار على سرير أخضر. يبدو عليها كما لو أنها خاضت للتو سباق ماراثون، لكن بدون مظاهر البهجة أو الحماسة. لقد وضعت مولوداً ذكراً يبلغ وزنه 4.1 كيلوجرام – وهو أكبر وزن تشهده غرفة الولادة هذه. تحمل قابلة المولود وتضعه بين ذراعي والدته، وتضع الأم الطفل على ثديها.

وتقول يفيت التي تدير أنشطة جناح الأمومة في مستشفى كوتوبالونغ: "في بلدان أخرى عملت بها مع أطباء بلا حدود، كنت أرى النساء اللاتي في جناح الأمومة يزرن النساء الأخريات في الأسرَّة المجاورة، لكني لم ألحظ هذه الظاهرة كثيراً هنا". يقع المستشفى على الجانب الآخر من الطريق مقابل مدخل ما أصبح الآن أكبر مخيم للاجئين في العالم. وتضيف: "أما هنا فلا يختلطن بالأخريات، تراهن وقد غطين رؤوسهن أو وجوهن بأوشحتهن مؤثراتٍ الصمت على نحو غير معتاد".

هذه المرأة الشابة هي من ضمن نساء قليلات اخترن الولادة في المستشفى، ويُعتَقد أن نحو أربعة من أصل كل خمسة نساء من الروهينغا يلدن في البيت. وتقول يفيت، وهي تنحدر من شمال غرب القارة الأمريكية: "أنا من أنصار الولادة في البيت. لكن في هذا الوضع، لا تعتبر الظروف في البيت مثالية لذلك".

البيت بالنسبة لمعظم اللاجئين في كوتوبالونغ وفي غيرها من المخيمات المؤقتة في إقليم كوكس بازار في بنغلاديش هو عبارة عن كوخ من قصب الخيزران بأرضية ترابية وسقف من قماش مشمع أو من صفيحة بلاستيكية. أما الماء فيجب سحبه من أقرب مضخة، والمراحيض المشتركة غالباً ما تكون فائضة. وتقول يفيت: "لا يَحسُن العيش في هذا المكان، فما بالك بالولادة فيه".

ولادات بمضاعفات

لا تجد النساء اللاتي يلدن في البيت خيارات كثيرة أمامهن إذا ما حصل خطب ما. في الليل يخلو المخيم من الإنارة، وتكون ممراته الضيقة المنحدرة زلقة تحت الأقدام. جسور خطرة تمر فوق المستنقعات والجداول الطينية. ومع عدم وجود سوى عدد قليل من الطرقات في المخيمات المكتظة، فمركبة الإسعاف هي عبارة عن كرسي بلاستيكي مثبت بعودين من الخيزران يحمله شابان نحيلا الجسم قويَّا البنية.

بالتالي تضطر النساء اللاتي تواجهن مضاعفات في المخاض للبقاء في مكانهن ليلاً. وتقول يفيت: "بحلول صباح اليوم التالي يكنَّ في وضع بائس". أو ربما ينزفن في البيت لأيام ثم يصلن إلى العيادة مصابات بالإنتان.

"نستقبل أيضاً نساءً يمررن بمخاض طويل في البيت حين تتعسر ولادة الطفل". وقد ينجم هذا عن استخدام النساء الأوكسيتوسين الاصطناعي لتحريض المخاض أو تسريعه في البيت. ويمكن لهذا العقار، المتوفر في المخيمات، أن يكون له أثر عكسي إذا ما أُخذ بجرعات خاطئة، وقد يسبب مضاعفات مهددة لحياة الأم أو وفاة الجنين أو الناسور".

وتعتبر الولادات غير المعسرة هي الاستثناء في مستشفى كوتوبالونغ وليست القاعدة. وتقول يفيت: "من النادر أن نرى ولادة طبيعية هنا. فعادة أرى فقط حالات حرجة - هذا المكان أشبه بغرفة طوارئ منه بغرفة ولادة".

Sexual and Reproductive Health in the Community
قامت منظمة أطباء بلا حدود بتدريب فريق نسائي كامل على نشر رسائل حول الصحة الجنسية والإنجابية في المجتمع. تعتقد منظمة أطباء بلا حدود أن الحالات التي تتلقاها لا تمثل سوى جزء ضئيل من العدد الفعلي اللاجئات الروهينغا اللاتي نجين من الاعتداء الجنسي أو الاغتصاب.
Sara Creta/MSF

العنف الجنسي

ثلاثة من فريق يفيت من القابلات، بينهن روكسان يعملن حصرياً مع اللواتي تعرضن لعنف جنسي. تشرف روكسانا على فريق من 50 متطوعة روهينغية – معظمهن من الشابات دون العشرين من العمر واللاتي يتنقلن من بيت إلى بيت في المخيمات، ليبلغن النساء والفتيات بتوافر الدعم الطبي والنفسي للناجين من العنف الجنسي.

كما يقدم خط هاتفي ساخن أنشأته أطباء بلا حدود معلومات عن أماكن تقديم المساعدة. إن الوصمة المرتبطة بالعنف الجنسي تعني أن اللاتي تعرضن له يواجهن خطر العزل أو الرفض من قبل المجتمع إذا ما عُرفت حوادثهن على الملأ. ومن أجل حمايتهن يتم إعطاؤهن كلمة مرور وبطاقة عليها رمز خاص لتعريف أنفسهن للطاقم الطبي في أطباء بلا حدود.

وتقول روكسانا: "عندما بدأ تدفق اللاجئين، كان الكثيرون يأتون إلينا ويقولوا أنهم تعرضوا للاغتصاب من قبل الجيش أو سكان راخين، ويسألوننا ماذا عساهم أن يفعلوا؟".

بعد نحو تسعة أشهر من أحداث العنف الأخيرة في ميانمار، ما زالنا نشهد قدوم من تعرضوا للاغتصاب. وتقول روكسانا: "ما زلن يأتين كل يوم. غالباً لا يفضلن مشاركة قصصهن في البداية، ويكون علي أن أشجعهن على الكلام. أقدم لهن الدعم النفسي الأولي. وأقول لهن: ’إنه ليس ذنبكن لا تخفن، ونحن هنا لمساعدتكن".

تشمل المساعدة التي نقدمها دعم الصحة النفسية والمساعدة الطبية والإحالات إلى مؤسسات متخصصة إذا اقتضى الأمر. تلعب المنظمات التي تقدم الدعم التخصصي دوراً مهماً في مساعدة النساء والفتيات اللاتي حملن من الاغتصاب على إيجاد مكان آمن وسري لقضاء الأشهر الأخيرة قبل الولادة في مستشفى أطباء بلا حدود.

وإذا كانت الأم غير قادرة أو غير راغبة في الاحتفاظ بالطفل، فقد تحتاج أيضاً المساعدة في إيجاد من يتبناه. تختار أخريات ممن تعرضن للاغتصاب إنهاء الحمل – وغالباً ما يكون ذلك بطريقة غير آمنة تعرض حياتهن للخطر. من السهل الحصول على أدوية تحريض الإجهاض في المخيمات، لكنها عادة لا تحتوي على إرشادات الاستخدام.

وتقول يفيت: "إذا استخدمت هذه الأدوية بالطريقة الصحيحة تكون الخيار الأكثر أمناً. أما إذا استخدمت بطريقة خاطئة، فهي تشكل خطر فقدان الكثير من الدم وحدوث التهابات حادة. وقد شاهدنا حدوث وفيات أمهات إثر ممارسات إجهاض غير آمن".

جناح الأمومة القديم في كوتوبالونغ، المكتظ بالأسرَّة والمقسَّم بفواصل من الخيزران المتداعي، يمنح القليل من الخصوصية للنساء والفتيات اللاتي يواجهن ظروفاً يائسة. لكن مركز الأمومة الجديد المجاور التابع لأطباء بلا حدود يضم غرفاً خاصة لاستقبال الناجيات من الاغتصاب ويتيح تقديم الرعاية لهن بخصوصية وكرامة، دون أن يسمع أحد ما يقلن أو يتم التعرف عليهن.

سيكون مركز الأمومة الجديد، المبني بالإسمنت المسلح والطوب، قادراً على مواجهة الظروف المناخية الصعبة – وهو أمر لا بد من مراعاته في منطقة تهطل فيها الأمطار الموسمية وتضربها الأعاصير. وهو جزء من خطة طموحة لإعادة بناء مستشفى أطباء بلا حدود بأكمله استجابةً للاحتياجات الطبية لكل من اللاجئين والمجتمع المحلي.

مولودون بمستقبل غير واضح

إحصائياً، من بين الأسرَّة العشرة المشغولة في جناح الأمومة، هنالك خمسة نساء أتين بسبب طوارئ طبية – ارتعاج، نزيف ما بعد الولادة، إنتان. أربع نساء أتين بسبب تعرضهن للاغتصاب. وامرأة واحدة فقط من هؤلاء العشرة يتوقع أن تلد ولادة طبيعية.

لكن حتى الأطفال الذين يولدون بدون مضاعفات سيكون لديهم فرصة ضئيلة لأن يحيوا حياة طبيعية. لن يحظوا سوى ببعض الحقوق التي تعتبر أمراً مسلَّماً به في مناطق أخرى.

منذ العام الماضي، لم تُسجَّل ولادات أطفال الروهينغا في بنغلاديش. لن يكون لدى هؤلاء المواليد وثائق ولادة أو وضع اللجوء أو جنسية. لن يحصلوا على تعليم رسمي أو فرص توظيف، وحرية حركتهم ستنتهي عند نقطة التفتيش الواقعة شمال المخيمات.

المقال التالي
بنغلاديش
تحديث حول مشروع 16 أبريل/نيسان 2018